للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنها واجبة على الكفاية: فلو قام بها بعضهم سقطت عن الباقين، وهو مذهب الحنابلة وبعض الشافعية (١)، وحجتهم أدلة الفريق الأول، لكنهم قالوا:

لا تجب على الأعيان لأنه لا يشرع لها الأذان، فلم تجب على الأعيان كصلاة الجنازة ولَوَجبت خطبتها، ووجب استماعها كالجمعة.

الثالث: أنها سنة مؤكدة وليست بواجبة: وهو مذهب مالك والشافعي وأكثر أصحابهما (٢)

وحجتهم:

١ - قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي لما ذكر الصلوات الخمس فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوَّع» (٣) وما في معناه.

٢ - أنها صلاة ذات ركوع وسجود (!!) لم يشرع لها أذان، فلم تجب بالشرع كصلاة الضحى.

والراجح: القول الأول لما تقدم من الأدلة، وأما القول بأنها سنة مؤكدة فضعيف، وأما حديث الأعرابي فلا حجة فيه، لأنه خصَّ الخمس بالذكر لتأكيدها ووجوبها على الدوام، وتكررها في كل يوم وليلة وغيرها يجب نادرًا كصلاة الجنازة والنذر وغير ذلك.

وأما القول بأنها فرض كفاية فلا ينضبط، ثم هو إنما يكون فيما تحصل مصلحته بفعل البعض، كدفن الميت، وقهر العدو، وليس يوم العيد مصلحة معينة يقوم بها البعض، بل صلاة العيد شرع لها الاجتماع أعظم من الجمعة، فإنه أمر النساء بشهودها ولم يؤمرن بالجمعة وأذن لهن فيها وقال: «صلاتكن في بيوتكن خير لكنَّ»، والله أعلم.

وقت صلاة العيدين:

يبتدئ وقت صلاة العيد بعد ارتفاع الشمس قيد رمح (أي: بعد مضي وقت الكراهة) وينتهي بزوال الشمس، وبهذا قال الجمهور (الحنفية والمالكية والحنابلة) (٤):

فعن عبد الله بن بسر -صاحب النبي صلى الله عليه وسلم- أنه خرج مع الناس يوم فطرٍ

أو


(١) «المغنى» (٢/ ٣٠٤)، و «كشاف القناع» (٢/ ٥٠)، و «المجموع» (٥/ ٢) وادَّعى النووي الإجماع على أنها ليست فرض عين، وهو منقوض بما تقدم.
(٢) «الدسوقي» (١/ ٣٩٦)، و «جواهر الإكليل» (١/ ١٠١)، و «المجموع» (٥/ ٢).
(٣) صحيح: تقدم مرارًا.
(٤) «ابن عابدين» (١/ ٥٨٣)، و «الدسوقي» (١/ ٣٩٦)، و «كشاف القناع» (٢/ ٥٠)، وأجاز الشافعي الصلاة أول طلوع الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>