للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجل الديون كلها، وقد تقدم أن دين الله أحق بالقضاء وهذا مذهب الشافعي وأحمد وطائفة من السلف (١).

وقال أبو حنيفة ومالك: لا يحج عنه إلا أن يوصى بذلك فيكون من الثلث!!

٣ - النائب عن غيره يحج عن نفسه أولاً:

يُشترط فيمن يريد الحج عن غيره أن يكون قد حج هو عن نفسه حجة الإسلام أولاً حتى يجزئ الفرض عن الأصيل، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة وأكثر أهل العلم وبه قال ابن عباس ولا يعلم له من الصحابة مخالف (٢) واستدلوا بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول:

لبيك عن شبرمة، قال: «من شبرمة؟» قال: أخ لي -أو قريب لي- قال: «حججت عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة» (٣) وهو مختلف في رفعه ووقفه وصحته.

وقال أبو حنيفة ومالك: يجزئ الحج وإن لم يحج عن نفسه، واستدلوا بإطلاق حديث الخثعمية السابق «حجي عن أبيك» من غير استخبارها عن حجها لنفسها.

قلت: الأولى أن لا يحج عن غيره إلا بعد الحج عن نفسه خروجًا من الخلاف، ولأنه قول صحابي وهو أولى من قول غيره لا سيما ولا يعلم له من الصحابة مخالف، ثم إن النظر يقتضي أن يقوم الإنسان نفسه على غيره لعموم قوله صلى الله عليه وسلم في النفقات: «ابدأ بنفسك» (٤).

وعلى هذا يحمل ترك استفصال النبي صلى الله عليه وسلم للخثعمية على أنه علم بحجها عن نفسها أولاً، إعمالاً للأدلة، كما قاله ابن الهمام. والله أعلم.

٤ - حج النفل عن الغير:

يُشرع حج النفل عن الغير بإطلاق -وإن كان مستطيعًا- لأنها حجة لا تلزم المستطيع بنفسه، فجاز أن يستنيب فيها كالمعضوب، ولأنه يتوسع في النفل ما لا يتوسع في الفرض، فإذا جازت النيابة في الفرض ففي النفل أولى، وهذا مذهب جمهور العلماء من الحنفية والحنابلة، وكذلك المالكية لكن مع الكراهة.


(١) «المجموع» (٧/ ٩٣)، و «المحلى» (٦٢).
(٢) «المجموع» (٧/ ٩٨)، و «المغنى» (٣/ ٢٤٥)، و «الفروع» (٣/ ٢٦٥)، وفتاوى ابن تيمية.
(٣) أُعل بالوقف والاضطراب، أخرجه أبو داود (١٨١١)، وابن ماجه (٢٩٠٣) وغيرهما.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٩٩٧) عن جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>