للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشروعيته: ثبتت مشروعية القصر في السفر بالكتاب والسنة والإجماع، وستأتي الأدلة خلال مباحث هذا الباب، إن شاء الله.

وقد اتفق العلماء على مشروعية القصر للصلاة في السفر، وعلى أن الفجر والمغرب لا تُقصران، واختلفوا في حكم قصر الصلاة: هل هو واجب أو رخصة؟ كما اختلفوا في شروط القصر، وفي غير ذلك، وفيما يلي بيان هذه المسائل:

حُكْمُ قَصْرِ الصلاة في السفر:

اختلف أهل العلم في حكم قصر الصلاة الرباعية في السفر على قولين:

الأول: أن القصر رخصة (جائز) وهو مذهب الجمهور: المالكية والشافعية والحنابلة (١)، ثم اختلف هؤلاء في: هل الأفضل القصر أو الإتمام أو هو مخيَّر؟.

الثاني: أن القصر عزيمة (واجب) ولا يجوز الإتمام: وهو مذهب الحنفية وقول عند المالكية، ومذهب الظاهرية (٢)، ثم اختلفوا فيما إذا أتم: تبطل صلاته أم لا؟

أدلة الفريقين ومناقشاتها:

[أ] أدلة القائلين بعدم الوجوب:

١ - قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ...} (٣). قالوا: نفى الجناح يقتضي رفع الإثم، والإباحة لا الوجوب والعزيمة.

وأجاب الموجبون من وجوه ثلاثة: الأول: أنه لا يُسلَّم بأن نفي الجناح خاص بالمباح، بل يستعمل كذلك في الواجب، ومن ذلك قوله تعالى: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (٤). فنفى الجناح في الآية جاء في السعي بين الصفا والمروة في الحج وهو فرض.


(١) «الشرح الكبير في حاشية الدسوقي» (١/ ٣٥٨)، و «المجموع» (٤/ ٣٣٧)، و «كشاف القناع» (١/ ٣٢٤)، و «المغنى» (٢/ ١٩٧)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢٤١)، و «نيل الأوطار» (٣/ ٢٣٩)، و «الحاوي» للماوردي (٢/ ٣٦٣ - ٣٦٥).
(٢) «البدائع» (١/ ٩١)، و «فتح القدير» (١/ ٣٩٥)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢٤١)، و «المنتقى» للباجي (١/ ٢٦٠)، و «المحلى» (٤/ ٢٦٤)، و «معالم السنن» (١/ ٤٨)، و «نيل الأوطار» (٣/ ٢٣٩).
(٣) سورة النساء، الآية: ١٠١.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>