للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند المالكية: إن قصد هلاك شخص معين فهلك فعلًا، فهو عمد فيه القصاص وإن هلك غير المعين ففيه الدية (أي: خطأ).

وأما الحنفية فهذا عندهم: (قتل بسبب) وموجبه عندهم الدية على العاقلة، وهو قسم مستقل من أقسام القتل الخمسة عندهم.

عقوبة القتل شبه العمد (١):

١ - الدِّية:

لا خلاف بين الفقهاء - القائلين باعتبار شبه العمد - أنه موجب للدية،

وهي في شبه العمد مغلظة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا وإن قتيل شبه العمد - ما كان بالسوط والعصا - مائة من الإبل، أرْبَعون في بطونها أولادها» (٢).

وتجب هذه الدية على عاقلة الجاني عند جمهور القائلين بشبه العمد، لحديث أبي هريرة قال: «اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدية المرأة على عاقلتها» (٣).

وإنما وجبت الدية على العاقلة لشبهة عدم القصد، فأشبه قتل الخطأ.

وهل يشترك الجاني في الدية؟ قال الشافعية والحنابلة: لا يشترك فيها، وقال الحنفية: يشترك فيها كما في القتل الخطأ، قلت: وعلى الأول يدلُّ حديث أبي هريرة، والله أعلم.

وقال ابن سيرين والزهري وقتادة وأبو ثور: تجب الدية على القاتل في ماله، لأنها موجب فعلٍ قَصَدَهُ، فلم تحمله العاقلة، كالعمد المحض، لكن الحديث بحجة عليهم.

٢ - الكفارة: وهي عتق رقبة مسلمة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، قال الله تعالى: {ومن قتل مؤمنًا خطئًا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام

شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليمًا حكيمًا} (٤) وهي منصوصة في قتل الخطأ كما هو ظاهر الآية الكريمة،


(١) «البدائع» (٧/ ٢٥١)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٥٥)، و «المغني» (٧/ ٧٦٦).
(٢) حسن: أخرجه أبو داود (٤٥٤٧)، والنسائي (٨/ ٤١)، وابن ماجة (٢٦٢٧) وغيرهم.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم (١٦٨١).
(٤) سورة النساء: ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>