للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تضافرت نصوص الشريعة الغراء في سد الأبواب المؤدية إلى قتل المسلم، فنهت عن مجرد الإشارة بالسلاح إليه، فعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يديه فيقع في حفرة من النار» (١).

وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه» (٢).

بل ثبت عن جابر - رضي الله عنه -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتعاطى السيف مسلولًا» (٣).

وعنه أن رجلًا مرَّ بسهام في المسجد فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمسك بنصالها» (٤).

هذا فيمن لا يقصد الإيذاء والتعدي، فكيف بالمعتدى؟!!

من صور قتل شبه العمد (٥):

١ - أن يقصد ضربه عدوانًا بما لا يقتل غالبًا كعصا أو سوط أو حجر صغير، فيموت.

٢ - أن يقصد ضربه تأديبًا بسوط صغير ونحوه، ويسرف في الضرب، فيفضي إلى قتله.

٣ - أن يحبسه في مكان ويمنع عنه الطعام والشراب مدةً لا يموت في مثلها غالبًا، فهذا من شبه العمد عن الشافعية، وهو عمد الخطأ عند الحنابلة.

فإن كانت هذه المدة مما يموت مثله فيها غالبًا فهو قتل عمد عند الشافعية والحنابلة، وعند أبي حنيفة: هذا لا يعتبر قتلًا أصلًا (!!) لأن الهلاك حصل بالجوع والعطش، ولا صنع لأحد في ذلك (!!) وقد خالفه الصاحبان فقالوا: عليه الدية.

٤ - أن يحفر بئرًا: أو ينصب حجرًا أو سكينًا تعديًا في ملك غيره بلا إذنه، ويقصد به الجناية، فهو قتل شبه عمد عند الحنابلة، وقد يقوى فيلحق بالعمد،


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٧٠٧٢)، ومسلم (٢٦١٧).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٦١٦)، والترمذي (٢١٦٢).
(٣) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٥٨٨)، والترمذي (٢١٦٣).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٧٠٧٣)، ومسلم (٢٦١٤).
(٥) «البدائع» (٧/ ٢٣٣)، و «روضة الطالبين» (٩/ ١٢٤)، و «المغني» (٧/ ٦٥٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٥)، و «حاشية الدسوقي» (٤/ ٢٤٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>