ومن قتل أو سرق فأخذ في الحل فأدخل الحرم، فأرادوا أن يقيموا عليه ما أصاب، أُخرج من الحرم إلى الحل، وإن قتل في الحرم أو سرق أقيم عليه في الحرم» (١).
٣ - إذن الإمام في القصاص (٢):
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز استيفاء القصاص إلا بإذن الإمام فيه لخطره، ولأن وجوبه يفتقر إلى اجتهاد، لاختلاف الناس في شرائط الوجوب
والاستيفاء، ويسن عند الشافعية حضور الإمام القصاص.
وذهب الحنابلة إلى أنه لا يستوفى القصاص إلا بحضرة السلطان أو نائبه، فإذا استوفاه الولي بنفسه دون إذن السلطان جاز، ويُعزَّر لافتئاته على الإمام.
٤ - كيفية القصاص (٣):
ذهب جمهور العلماء منهم مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين واختارها شيخ الإسلام إلى أن القاتل يُقتص منه بمثل الطريقة والآلة التي قتل بها، فمن قتل بخنق أو إغراق أو بتجريع سمٍّ ونحو ذلك، يُفعل به كما فعل، ما لم يكن هذه الطريقة محرمة لذاتها كالقتل بتجريع خمر أو اللواط به أو إحراقه ونحو ذلك، واحتجوا بما يلي:
١ - قوله تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} (٤).
٢ - وقوله سبحانه: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (٥).
٣ - وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} (٦). ولا شك أن تمام المقاصة أن يُفعل به كما فعل.
٤ - حديث أنس - رضي الله عنه - «أن يهوديًّا رضَّ رأس جارية بين
حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا؟ فلان أو فلان حتى سُمِّي اليهودي فأومأت برأسها، فجيء به فاعترف فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فَرُضَّ رأسه بحجرين» (٧).
(١) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٩/ ٣٠٤).
(٢) «ابن عابدين» (٥/ ٤٥٢)، و «منح الجليل» (٤/ ٣٤٥)، و «الدسوقي» (٤/ ٤٠)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٨٧).
(٣) «البدائع» (٧/ ٢٤٥)، و «ابن عابدين» (٥/ ٣٤٦)، و «الدسوقي» (٤/ ٢٦٥)، و «روضة الطالبين» (٩/ ٢٢٩)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٩٠)، و «المغني» (٧/ ٦٨٨)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٨١).
(٤) سورة النحل: ١٢٦.
(٥) سورة البقرة: ١٩٤.
(٦) سورة البقرة: ١٧٨.
(٧) صحيح: أخرجه البخاري (٦٨٧٩)، ومسلم (١٦٧٢).