للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، كما هو الشأن في سائر العبادات المحضة، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (١).

وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ...» (٢) وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وداود (٣).

بينما ذهب أبو حنيفة إلى أن الوضوء لا يشترط له النية (٤) بناء على أنه عبادة معقولة وليست مقصودة لذاتها فأشبهت طهارة الخبث، وقول الجمهور هو الصواب، «لأن النص قد دلَّ على الثواب في كل وضوء، ولا ثواب لغير مَنْوى إجماعًا، ولأنه عبادة لا تعلم إلا بالشرع فكانت النية شرطًا فيها» (٥).

النية محلها القلب:

قال شيخ الإسلام (٦) -رحمه الله-: محل النية القلب دون اللسان باتفاق أئمة المسلمين في جميع العبادات: الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والعتق والجهاد وغير ذلك ... اهـ.

فلا يشرع الجهر بها ولا تكريرها، بل من اعتاده ينبغي تأديبه وتعزيره بعد تعريفه لا سيما إذا آذى به وكرره، والجاهر بالنية مسيء، ولو اعتقده دينًا وتعبد الله بالنطق بها فقد ابتدع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا ينطقون بالنية مطلقًا، ولم يحفظ عنهم ذلك، ولو كان مشروعًا لبينه الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ثم إنه ليس هناك حاجة إلى التلفظ بالنية لأن الله يعلم بها (٧).

فوائد:

١ - قال شيخ الإسلام: «.. ولو تكلم بلسانه بخلاف ما نوى في قلبه كان الاعتبار بما نوى لا بما لفظ، ولو تكلم بلسانه ولم تحصل النية في قلبه لم يجز ذلك باتفاق أئمة المسلمين، فإن النية هي جنس القصد والعزم ...» اهـ.


(١) سورة البينة، الآية: ٥.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).
(٣) «بداية المجتهد» (١/ ٦)، و «المجموع» (١/ ٣٤٧)، و «التمهيد» (٢٢/ ١٠٠، ١٠١).
(٤) «بدائع الصنائع» (١/ ١٩ - ٢٠) وانظر السابق.
(٥) نحوه في «الفروع» لابن مفلح (١/ ١١١).
(٦) «مجموعة الرسائل الكبرى» (١/ ٢٤٣).
(٧) انظر: زاد المعاد (١/ ١٩٦)، وإغاثة اللهفان (١/ ١٣٤)، وبدائع الفوائد (٣/ ١٨٦)، و «الفروع» (١/ ١١١)، و «الشرح الممتع» (١/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>