للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - قال الله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بنا يصنعون} (١).

قال ابن القيم (٢)، رحمه الله: "لما كان غض البصر أصلًا لحفظ الفرج بدأ بذكره، ولما كان تحريمه تحريم الوسائل، فيباح للمصلحة الراجحة، ويحرم إذا خيف منه الفساد، ولم يعارضه مصلحة أرجح من تلك المفسدة، لم يأمر سبحانه بغضه مطلقًا، بل أمر بالغض منه، وأما حفظ الفرج فواجب بكل حال لا يباح إلا بحقه فلذلك عم الأمر بحفظه" اهـ.

٢ - وعن ابن عباس قال: "كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر" (٣). وهذا منه صلى الله عليه وسلم منع وإنكار بالفعل.

٣ - وعن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة "فأمرني أن أصرف بصري" (٤).

٤ - وعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: "يا عليُّ، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة" (٥).

* نظر الرجل إلى المرأة يباح للمصلحة الراجحة:

قد تقرر أن نظر الرجل للمرأة -والعكس- قد حرم لأنه وسيلة وذريعة إلى الفاحشة، وما كان تحريمه تحريم الوسائل فإنه يباح للمصلحة الراجحة، والأص في هذا الحديث عليٌّ في قصة بعث النبي صلى الله عليه وسلم له وللزبير ولأبي مرثد، لإدراك المرأة المشركة التي كان معها صحيفة حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين وفيه: " ... قلت: لقد علمت ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يُحلف به، لتخرجن الكتاب أو


(١) سورة النور: ٣٠.
(٢) «روضة المحبين» (ص ٩٢).
(٣) البخاري (٦٢٢٨)، ومسلم (١٢١٨) وقد تقدم.
(٤) مسلم (٢١٥٩)، وأبو داود (٢١٤٨)، والترمذي (٢٧٧٦).
(٥) الترمذي (٢٧٧٧)، وأبو داود (٢١٤٩)، وأحمد (١٣٧٧)، وسنده حسن لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>