للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تقدَّم أن المهر شرط في صحة عقد النكاح إما مسمى مفروضًا أو مسكوتًا عنه ويكون لها مهر مثلها، في أصح قولي العلماء.

* ما يصلح أن يكون مهرًا:

١ - كل ما جاز أن يكون ثمنًا في البيع (١): بأن يكون متموَّلًا، طاهرًا، حلالًا، منتفعًا به، مقدورًا على تسليمه، كالأموال والأعراض ونحوها، قال الله تعالى: {وأحلَّ لكم ما وراء ذالكم أن تبتغوا بأموالكم ...} (٢).

٢ - الإجازة: فكل عمل جاز الاستجار عليه، جاز جعله صداقًا، وذلك كتعليم القرآن، والصنائع، والخدمة ونحو ذلك، وهذا مذهب الشافعي وأحمد، ومنع ذلك أبو حنيفة وكرهه مالك (٣).

والصحيح جواز النكاح على الإجارة، فقد قصَّ الله تعالى علينا في كتابه أن الشيخ الصالح زوَّج موسى عليه السلام بإحدى ابنتيه، وجعل مهرها أن يعمل عنده ثماني سنين، قال الله تعالى: {قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك} (٤). وهذا على قول من قال: إن شرع من قبلنا شرع لازم لنا حتى يدلَّ الدليل على ارتفاعه، وهو الصحيح.

وقد مرَّ حديث الواهبة، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي أراد الزواج منها:

"اذهب، فقد أنكحتكها بما معك من القرآن" (٥) على تأويل أن المراد: أن يعلمها سورة أو أكثر من القرآن.

٣ - إعتاق الأَمَة:

فعن أنس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها" (٦) وقد أجاز أن يكون العتق صداقًا الشافعي وأحمد وداود، ومنعه فقهاء الأمصار لمعارضته للأصول، ووجه ذلك أن العتق إزالة ملكٍ، والإزالة لا تتضمن استباحة الشيء


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٤٦)، و «الشرح الصغير» للدردير (٢/ ٢٤٥)، و «الأم» (٥/ ٥٢)، و «المغني» (٧/ ٢١٢)، و «الإنصاف» (٦/ ٢٣١).
(٢) سورة النساء: ٢٤.
(٣) «بداية المجتهد» (٢/ ٤٧)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٣٠٤)، و «المغني» (٧/ ٢١٢)، و «المبسوط» (٦/ ٨٠).
(٤) سورة القصص: ٢٧.
(٥) صحيح: تقدم كثيرًا.
(٦) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>