للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهب الجمهور إلى أن الأصل في الطلاق الإباحة، والأولى عدم ارتكابه -لما فيه من قطع الألفة- إلا لعارض، وقد يخرج عن هذا الأصل في أحوال.

وذهب آخرون إلى أن الأصل فيه الحظر، ويخرج عن الحظر في أحوال، والعمدة عندهم حديث: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" (١) وهو حديث ضعيف.

وعلى كلٍّ: فالفقهاء متفقون -في النهاية- على أن الطلاق تعتريه الأحكام التكليفية

الخمسة بحسب الظروف والأحوال:

١ - فيكون محرَّمًا: كطلاق المرأة في الحيض، أو في طهر جامعها فيه، وهو "طلاق البدعة" وسيأتي الكلام عليه، وهو مجمع على تحريمه، وكذلك إذا خشي بطلاقه على نفسه الزنا.

٢ - ويكون مكروهًا: وهو عند عدم الحاجة إليه مع استقامة الزوجين، وربما يكون هذا محرمًا عند بعضهم، قلت: قد يُستدل للكراهة أو التحريم بحديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجىء أحدهم فيقول: فعلتُ كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجىء أحدهم فيقول: ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينه وبين امرأته، قال: فيُدنيه منه ويقول: نِعْمَ أنت" (٢).

وعن عمرو بن دينار قال: "طلَّق ابن عمر امرأة له، فقالت له: هل رأيت مني شيئًا تكرهه؟ قال: "لا قالت: ففيم تطلق المرأة العفيفة المسلمة؟ قال: فارتجعها" (٣).

٣ - ويكون مباحًا: عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض منها.

٤ - ويكون مستحبًّا: عند تفريط المرأة في حقوق الله تعالى الواجبة عليها كالصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون امرأة غير عفيفة، لأن في إمساكها نقصًا لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه،

وإلحاقها به ولدًا ليس هو منه،


(١) ضعيف: أخرجه أبو داود (٢١٧٧ - ٢١٧٨)، والبيهقي (٧/ ٣٢٢)، وابن أبي شيبة (٥/ ٢٥٣) وغيرهم والصواب إرساله، وانظر «العلل» لابن أبي حاتم (١/ ٤٣١)، و «التلخيص» (٣/ ٢٠٥)، و «العلل المتناهية» (٢/ ٦٣٨).
(٢) صحيح: أخرجه مسلم.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (١٠٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>