للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحمد في إحدى الروايتين وشيخ الإسلام ابن تيمية، وكأنه الذي مال إليه العلامة ابن عثيمين -رحمهما الله تعالى- إلا أنه استحبه إذا مس بغير شهوة، وقوى إيجابه إذا كان لشهوة احتياطًا (١)، فحملوا حديث بسرة على الاستحباب وحديث طلق على أن السؤال فيه كان عن الوجوب.

ويُستدل للقولين الأخيرين القائمين على مسلك الجمع بما يلي:

١ - أن دعوى النسخ بتقدم إسلام طلق وتأخر إسلام بسرة فيها نظر، لأن هذا ليس دليلاً على النسخ عند المحققين من أئمة الأصول، لأنه ربما يكون المتقدم حدث به عن غيره.

٢ - أن في حديث طلق علة لا يمكن أن تزول وهي كون الذكر بضعة منه وإذا ربط الحكم بعلة لا يمكن أن تزول فلا يزول الحكم، فلا يمكن النسخ.

٣ - ثم إنه لا يصار إلى النسخ إلا بعد تعذُّر الجمع لا سيما ولا يصح النسخ كما تقدم.

قلت: «أبو مالك»: القول الأخير من القوة بمكان، لكن إذا صح حديث طلق ابن علي، وهذا غير مسلَّم بل القول بضعفه متجه، فيتألَّق القول بأن مسَّ الذكر ناقض للوضوء مطلقًا سواء مسَّه بشهوة أو بدونها، لأن الشهوة لا حد لها ولا دليل على اعتبارها، والله أعلم.

فوائد تتعلق بما سبق:

١ - المرأة إذا مست فرجها تتوضأ: لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مسَّ ذكره فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ» (٢) ويؤيد هذا قول عائشة رضي الله عنها: «إذا مست المرأة فرجها توضأت» (٣) والأصل أن النساء شقائق الرجال في الأحكام، وهذا مذهب الشافعي وأحمد، خلافًا لأبي حنيفة ومالك!!

٢ - مسُّ فَرْج الغير: إذا مسَّ الرجل فرج امرأته أو مست ذكره فلا دليل على انتقاض وضوء أحدهما إلا إذا أمذى أو أمنى فينتقض لذلك لا لمجرد المسِّ، وقال


(١) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٢٤١)، و «الشرح الممتع» (١/ ٢٣٣).
(٢) صحيح لغيره: أخرجه أحمد (٢/ ٢٢٣)، والبيهقي (١/ ١٣٢).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه الشافعي في «مسنده» (٩٠)، والبيهقي (١/ ١٣٣)، وصحح الحاكم وقفه (١/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>