للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قربةً، والثاني: أن يكون قصده التقرب إلى الله به، لا الحلف به، فلو التزم ما ليس بقربة كالتطليق والبيع والإجارة ... لم يلزم، بل تجزئه كفارة يمين.

وهنا الحالف بالطلاق هو التزام وقوعه على وجه اليمين، وهو يكره وقوعه إذا وجد الشرط كما يكره وقوع الكفر إذا حلف به وهذا - الأخير - لا يلزمه بالاتفاق، لأنه لم يقصد وقوعه عند الشرط، بل قصد الحلف به (١).

٥ - أن القول بعدم وقوع الطلاق المعلَّق على فعل المرأة، يمنع أن تتعمد المرأة فعله لتحنيثه وإيقاع الطلاق، وهو ملحظ أشهب من أصحاب مالك، قال ابن القيم: «وهذا القول هو الفقه بعينه، ولاسيما على أصول مالك وأحمد في مقابلة العبد بنقيض قصده، كحرمان القاتل ميراثه من المقتول ... وتوريث امرأة من طلقها في مرض موته فرارًا من ميراثها .. ، فمعاقبة المرأة ههنا بنقيض قصدها هو محض القياس والفقه، ولا ينتقض هذا على أشهب بمسألة «المخيَّره» ومن جعل طلاقها بيدها؛ لأن الزوج قد ملكها ذلك وجعله بيدها، بخلاف الحالف فإنه لم يقصد طلاقها بنفسه ...» اهـ.

الترجيح:

قد رأيتَ أنّه ليس في المسألة نص صريح من قرآن أو سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس فيها إجماع ثابت، والذي يظهر لي أن الأقرب إلى روح الشريعة ومقاصدها أن لا يقع الحلف بالطلاق (الطلاق المعلق على شرط) إذا كان الحالف لا يقصد به إلا التهديد أو الحض أو المنع من فعل، وهذا هو المعمول به اليوم في المحاكم المصرية فقد تضمنت المادة الثانية من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ ما نصه:

(لا يقع الطلاق غير المنجَّز إذا قصد به الحمل على فعل شيء أو تركه لا غير).

وأما إذا قصد به وقوعه حقيقة عند حصول الشرط، فإن هذا يقع طلاقه كما تقدم والله أعلم.

فوائد (٢) (على القول بوقوع الطلاق المعلَّق):

١ - لو علَّق الرجل طلاق امرأته على فعل، ثم حصل منه الفعل المعلَّق عليه ناسيًا أو مكرهًا فإن الطلاق يقع كذلك عند الجمهور، وعند الشافعية فيه قولان: أظهرهما أنه لا يقع الطلاق.


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٥٦ - ٥٧).
(٢) «ابن عابدين» (٣/ ٣٥٢)، و «الدسوقي» (٢/ ٣٧٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٩٣ - ٣١٦)، و «المغني» (٧/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>