للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أرقم: «قالت: فأفتاني - أي النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وضعتُ أن أنكح» (١) وعن عمر - رضي الله عنه - قال: «لو وضعت وزوجها على السرير لم يُدفن بعدُ لحلَّت» (٢).

وبهذا قال جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى في الأمصار، خالف في ذلك عليٌّ - رضي الله عنه - فقال: «تعتد آخر الأجلين» (٣) ومعناه: أنها إن وضعت قبل أربعة أشهر وعشر تربصت إلى انقضائها ولا تحل بمجرد الوضع، وإن انقضت المدة قبل الوضع تربصت إلى الوضع، وبه قال ابن عباس ويقال إنه رجع عنه، وقوَّاه الحافظ.

قال ابن عبد البر: لولا حديث سبيعة لكان القول ما قال عليٌّ وابن عباس لأنهما عدتان مجتمعتان بصفتين، وقد اجتمعا في الحامل المتوفى عنها زوجها، فلا تخرج من عدَّتها إلا بيقين، واليقين آخر الأجلين. اهـ. قلت: فالقول قول الجماهير، والله أعلم.

فائدة:

عدَّة المتوفى عنها زوجها ليست للعلم ببراءة الرحم، فإنها تجب قبل الدخول بخلاف عدة الطلاق، و «أما عدة الوفاة فهي حرم لانقضاء النكاح، ورعاية لحق الزوج، ولهذا تَحُدُّ المتوفى عنها في عدة الوفاة رعاية لحق الزوج، فجعلت العدة حريمًا لحق هذا العقد الذي له خطر وشأن، فيحصل بهذه فصل بين نكاح الأول ونكاح الثاني، ولا يتصل الناكحان، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عظم حقُّه، حرم نساؤه بعده؟ وبهذا اختص الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لأن أزواجه في الدنيا هنَّ أزواجه في الآخرة بخلاف غيره، فإنه لو حرم على المرأة أن تتزوج بغير زوجها، تضررت المتوفى عنها، وربما كان الثاني خيرًا لها من الأول ... فلا أقل من مدة تتربَّصها، وكانت في الجاهلية تتربَّص سنة، فخففها الله سبحانه بأربعة أشهر وعشر» (٤) اهـ.

تحوُّل العدة (٥): العدة قد تنتقل من حالة إلى أخرى كما يلي:


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٥٣١٨ - ٥٣١٩) ومالك.
(٢) ") صحيح: أخرجه سعيد بن منصور (١٥٢٢)، والبيهقي (٧/ ٤٣٠).
(٣) صحيح: أخرجه الطبري (٢٨/ ١٤٣).
(٤) نقله ابن القيم في (٥/ ٦٦٥ - ٦٦٦) عن ابن تيمية، رحمهما الله.
(٥) «البدائع» (٣/ ٢٠٠)، و «الدسوقي» (٢/ ٤٧٣)، و «القوانين» (٢٩٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٨٦)، و «روضة الطالبين» (٨/ ٣٧٠ - ٣٧٢)، و «المغني» (٩/ ١٠٢) مع الشرح الكبير و» الموسوعة الفقهية» (٢٩/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>