للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: إذا مضت المدة فإن القاضي يوقفه ويأمره بالفيئة أو الطلاق: فإن أبي أن يفيء ويجامعها، وأبي تطليقها، طلَّقها عليه القاضي، وهذا مذهب الجمهور: مالك والشافعي وأحمد وبه قال ابن المسيب ومجاهد وطاووس وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر، وهو المروي عن كثير من الصحابة منهم: عمر وعثمان وعلي وابن عمر وعائشة وأبو الدرداء - رضي الله عنهم -، ومن أدلتهم:

١ - أن ظاهر الآية الكريمة أن الفيئة تكون بعد أربعة أشهر لذكر الفيئة بعد المدة (بالفاء) المقتضية للتعقيب، ثم قال تعالى: {وإن عزموا الطلاق ...} (١). ولو وقع الطلاق بمضي المدة، لم يحتج إلى عزم عليه، فعلى هذا فإن الآية تدل على تخيير المولى بين الفيئة والطلاق بعد مضي المدة.

٢ - قوله تعالى: {فإن الله سميع عليم} (٢). يقتضي أن الطلاق مسموع ولا يكون المسموع إلا كلامًا.

٣ - أن الإيلاء يمين يمنع من الجماع أربعة أشهر، لأن اللفظ يدل عليه فقط، ولا يدل على الطلاق، فالقول بوقوع الطلاق بمضي المدة قول بالوقوع من غير إيقاع، وهذا لا يجوز.

٤ - قوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} (٣). والعزم هو ما عزم العازم على فعله، ولا يكون ترك الفيئة عزمًا على الطلاق.

٥ - أنه قول أكثر الصحابة: فعن سليمان بن يسار قال: «أدركتُ بضعة عشر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم يُوقِفُ الموُلى» (٤).

وعن أبي صالح قال: سألت اثنى عشر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يولى، فقالوا: «ليس عليه شيء حتى يمضي أربعة أشهر، فإن فاء وإلا طلَّق» (٥).


(١) سورة البقرة: ٢٢٧.
(٢) سورة البقرة: ٢٢٧.
(٣) سورة البقرة: ٢٢٧.
(٤) إسناده صحيح: أخرجه الشافعي - كما في مسنده - (٢/ ٨٢) شفاء العي، والدارقطني (٤/ ٦١).
(٥) أخرجه الدارقطني (٤/ ٦١) وانظر الآثار عن عليٍّ وابن عمر وعائشة في «شفاء العي بتخريج مسند الشافعي» (٢/ ٨٢ - ٨٤)، و «جامع أحكام النساء» (٤/ ١٩٧ - ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>