للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: لا يجوز التفريق بعدم الإنفاق، بل يجب على الزوجة الموسرة أن تنفق على زوجها المعسر:

فإذا أيسر الزوج لا ترجع عليه بشيء، وهذا هو مذهب أبي محمد بن حزم (١) مستدلًا بقوله تعالى: {وعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نُفْسٌ إلاَّ وسْعَهَا لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِهَا ولا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} (٢).

قال: فالزوجة وارثة، فعليها النفقة بنص القرآن (!!) وتُّعقب بأن الله تعالى قد جعل على وارث المولود له، أو وارث من رزق الوالدات وكسوتهن بالمعروف مثل ما على الموروث، فأين في الآية نفقة غير الزوجات حتى يحمل عمومها على ما ذهب إليه؟! (٣).

الراجح:

الأظهر مما تقدم: القول بجواز التفريق بعدم الإنفاق للأدلة التي ذكرها الجمهور، لا سيما وقد قال به الصحابة وعملوا به، ولما فيه من رفع الضرر عن الزوجة لا سيما إذا رفض الزوج تطليقها اختيارًا أو بالاتفاق معها، على أن الأولى والأحسن أن تصبر الزوجة في إعسار زوجها وتقف بجانبه وتواسيه ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا.

وأما أدلة المانعين فلا تنهض لمكافأة أدلة الجمهور، والله أعلم.

نوع هذه الفرقة؟

ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الفرقة لعدم الإنفاق فسخ ما دامت بحكم القاضي، فإن طلب القاضي من الزوج طلاقها فطلقها كانت رجعية ما يبلغ الثلاث أو يكن قبل الدخول، وإلا فبائن.

وذهب المالكية إلى أنها طلاق رجعي وللزوج مراجعتها في العدة إلا أنهم اشترطوا لصحة الرجعة - هنا- أن يجد الزوج يسارًا لنفقتها الواجبة عليه (٤).


(١) «المحلي» (١٠/ ٩٢).
(٢) سورة البقرة: ٢٣٢.
(٣) «زاد المعاد» (٥/ ٥١٨) طـ. الرسالة.
(٤) «الدسوقي» (٢/ ٤١٩)، و «مغنى المحتاج» (٣/ ٤٤٢)، و «المغنى» (٣/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>