للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٨] التفريق لفقد الزوج أو غيبته:

أولًا: التفريق لغيبة الزوج:

إذا غاب الزوج عن زوجته - مع علمها بمكانه وإمكان الاتصال به - فقد اختلف الفقهاء في جواز التفريق للغيبة على أقوال، مبناها اختلافهم في حكم استدامة الوطء، أو حق للزوجة مثل ما هو حق للزوج أم لا؟

فذهب الحنفية والشافعية - وهو قول للحنابلة - إلى أن دوام الوطء قضاء حق للرجل فقط، وليس للزوجة حق فيه (!!) فإذا ترك وطأها مدة لم يكن ظالمًا لها سواء كان حاضرًا أو غائبًا، وعليه: فليس لها طلب التفريق لذلك عندهم، وهذا مذهب ابن حزم (١).

بينما ذهب المالكية على أاستدامة الوطء حق للزوجة مطلقًا، وهو الأظهر عند الحنابلة إلا أنهم قيدوه بما لم يكن بالزوج عذر مانع منه كمرض أو غيره، ولذا أجازوا طلب التفريق للغيبة (٢)، واشترطوا في الغيبة ليثبت التفريق بها للزوجة شروطًا، وهي:

١ - أن تكون غيبة طويلة:

واختلفوا في مدَّتها: فقال الحنابلة أكثر من ستة أشهر، واستندوا إلى ما يروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه «وقَّت للناس في مغازيهم ستة أشهر، يسيرون شهرًا، ويقيمون أربعة أشهر ويسيرون شهرًا راجعين» (٣) وهذا لما سمع شكاة امرأة بالمدينة كان زوجها غائبًا عنها في سبيل الله.

وحدَّها المالكية- في المعتمد عندهم- بسنة فأكثر.

٢ - أن تكون الغيبة لغير عذر، فإن كانت لعذر كالحج والتجارة وطلب العلم لم يكن لها طلب التفريق، هذا عند الحنابلة، وأما المالكية فلم يشترطوا عدم العذر، وإنما لها الحق بالغيبة مطلقًا.


(١) «الأم» (٥/ ٢٣٩)، و «ابن عابدين» (٣/ ٢٠٢)، و «المحلى» (١٠/ ١٣٣ - ١٣٤)، و «المغني» (٧/ ٤٨٨).
(٢) «الدسوقي» (٢/ ٣٣٩)، و «المغنى» (٧/ ٣١، ٤٨٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٤٤).
(٣) أخرجه سعيد بن منصور (٢٤٦٣) بسند حسن وأخرجه عبد الرازق (١٢٥٩٤) عن معمر بلاغًا، وله شواهد ذكرها ابن كثير في «تفسيره» إلا أن في بعض طرقه (أربعة أشهر) وفي بعضها ستة أشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>