للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - العدالة (عدم الفسق): ولا وجه لاعتبار العدالة وعدم الفسق شرطًا في الحاضنة، ولو كان شرطًا لكان بيان هذا للأمة من أهم الأمور ولنقل العمل به، فإنه لم يزل منذ بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم -إلى أن تقوم الساعة أطفال الفساق بينهم بربُّونهم لا يتعرض لهم أحد مع كثرتهم ولم يُعلم أنه انتزع طفل من أبويه أو أحدهما لفسقه، ثم إن العادة شاهدة بأن الرجل ولو كان من الفساق يحتاط لابنته ولا يضيِّعُها ويحرص على الخير لها بجهده (١). فهذا الشرط باطل.

٧ - الحريَّة: وقد اشترطها الجمهور في الحاضن، قالوا: لأن المملوك لا ولاية له على نفسه فلا يتولى غيره، والحضانة ولاية.

وقال مالك في حر له ولد من أمته: (إن الأم أحق ما لم تُبع فتنتقل فيكون الأب أحق به) واستدل بعموم حديث: «لا تُولَّهُ والدة عن ولدها» (٢) وحديث: «من فرّق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» (٣).

قلت: وهو الصحيح لأنها أمُّه وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأم: «أنت أحق به ما لم تنكحي».

ولذا قال ابن القيم - رحمه الله -: وأما اشتراط الحرية فلا ينتهض عليه دليل يركن القلب إليه. اهـ.

هل تجب للحاضن أجرة على الحضانة؟

لا تستحق الحاضنة أجرة على الحضانة إذا كانت زوجة أو معتدة لأبي المحضون في أثناء العدة، كما لا تستحق أجرًا على الإرضاع، لو جوبهما عليها ديانة، ولأنها تستحق النفقة أثناء الزوجية والعدة، وهذه النفقة كافية للحضانة، قال تعالى {والْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٤).

أما بعد انقضاء العدة فإنها تستحق أجرة الحضانة لأنها أجرة على عمل كالرضاعة، قال تعالى: {فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٤٦١)، «سبل السلام١٠» (ص: ١١٧٨).
(٢) ضعيف: أخرجه البيهقي (٨/ ٥).
(٣) حسن: أخرجه الترمذي (١٢٨٣)، وأحمد (٥/ ٤١٢)، والدرامي (٢/ ٢٢٧)، والحاكم (٢/ ٥٥) وصححه.
(٤) سورة البقرة: ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>