للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ولأن في صلبه حيًّا تعذيبًا له، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ...» (١).

وعلى هذا الرأي: يُقتل ثم يُغسَّل، ويكفن، ويُصلى عليه، ثم يصلب، ويترك مصلوبًا ثلاثة أيام بلياليهن.

وخالف ابن حزم فقال: لا يجمع عليه الصلبُ والقتل، إذ ليس فيما استدلَّ به المخالفون - من الفريقين - وجوبُ صلبه بعد القتل، ولا إباحة ذلك البتة.

ولأن الله إنما أوجب عليه حكمًا واحدًا وخزيًا واحدًا لا حكمين.

وكذلك لا يجوز قتله بعد الصلب لأمره - صلى الله عليه وسلم - بإحسان القتلة ولقوله: «لعن الله من اتخذ شيئًا فيه الروح عرضًا»، وغاية ما هنالك أن يخيَّر

الإمام بين قتله، أو صلبه دون قتل.

قال: فصحَّ يقينًا أن الواجب أن يخيَّر الإمام في صلبه - إن صلبه - حيًّا ثم يدعه حتى ييبس ويجف كله ... حتى إذا أنفذنا أمر الله تعالى فيه، وجب به ما افترضه الله تعالى للمسلم على المسلم من الغسل والتكفين والصلاة والدفن. اهـ.

ثم ردَّ على من اعترض بمثل أحاديث الأمر بإحسان القتلة وقال: أنتم تقتلونه أوحش قتلة وأقبحها! فقال - رحمه الله -: «فنقول: وما قتلناه أصلًا، بل صلبناه كما أمر الله تعالى، وما مات إلا حتف أنفه، وما يسمى هذا في اللغة مقتولًا ...» اهـ.

٤ - إذا أخذوا المال، ولم يقتلوا؛ قُطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف: فتقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى على ما تقدم في قطع السارق.

وهل يشترط أن يبلغ المسروق نصابًا؟ فيه قولان (٢):

فاشترط الجمهور - خلافًا لمالك - أن يبلغ المأخوذ نصابًا، لعموم الأدلة التي تفيد أنه لا قطع فيما دون النصاب، وقد تقدمت في «حد السرقة».

وذهب مالك إلى أنه لا يشترط؛ لأنه محارب لله ولرسوله، ساعٍ في الأرض بالفساد فيدخل في عموم الآية، ولأنه لا يعتبر الحرز فكذلك النصاب.


(١) صحيح.
(٢) «فتح القدير» (٥/ ١٧٩)، و «المهذب» (٢/ ٢٨٤)، و «جوهر الإكليل» (٢/ ٢٩٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>