ثم اختلفوا بمصير دارهم على قولين:
الأول للجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة وأبي يوسف ومحمد من الحنفية): إذا أظهروا أحكام الشرك فيها، فقد صارت دارهم دار حرب؛ لأن البقعة إنما تنسب إلينا، أو إليهم باعتبار القوة والغلبة. فكل موضع ظهر فيه أحكام الشرك فهو دار حرب، وكل موضع كان الظاهر فيه أحكام الإسلام، فهو دار إسلام.
وعند أبي حنيفة - رضي الله عنه - إنما تصير دار المرتدين دار حرب بثلاث شرائط:
أولًا: أن تكون متاخمة أرض الشرك، ليس بينها وبين أرض الحرب دار للمسلمين.
ثانيًا: أن لا يبقى فيها مسلم آمن بإيمانه، ولا ذمي آمن بأمانه.
ثالثًا: أن يظهروا أحكام الشرك فيها.
فأبو حنيفة يعتبر تمام القهر والقوة، لأن هذه البلدة كانت من دار الإسلام، محرزة للمسلمين فلا يبطل ذلك الإحراز، إلا بتمام القهر من المشركين، وذلك باستجماع الشرائط الثلاث.
الجناية على المرتد:
اتفق الفقهاء على أنه إذا ارتد مسلم فقد أهدر دمه، لكن قتله للإمام أو نائبه، ومن قتله من المسلمين عزر فقط، لأنه افتات على حق الإمام؛ لأن إقامة الحد له.
وأما إذا قتله ذمي؛ فذهب الجمهور (الحنفية والمالكية والحنابلة والشافعية في الأظهر) إلى أنه لا يقتص من الذمي.
وذهب الشافعية في القول الآخر إلى أنه يقتص من الذمي.
الجناية على المرتد فيما دون النفس:
اتفق الفقهاء على أن الجناية على المرتد هدر، لأنه لا عصمة له.
أما إذا وقعت الجناية على مسلم ثم ارتد فَسَرَتْ ومات منها، أو وقعت على مرتد ثم أسلم فَسَرَتْ ومات منها ففيها أقوال تنظر في باب «القصاص» من كتب الفقه.
قذف المرتد:
اتفق الفقهاء على عدم وجوب الحد على قاذف المرتد، لأن من شروط وجوب حد القذف: أن يكون المقذوف مسلمًا.