وفصل الشافعية فقالوا: إن تصرف تصرفًا يقبل التعليق كالعتق والتدبير والوصية كان تصرفه موقوفًا إلى أن يتبين حاله، أما التصرفات التي تكون منجزة ولا تقبل التعليق كالبيع والهبة والرهن فهي باطلة بناء على بطلان وقف العقود، وهذا في الجديد، وفي القديم تكون موقوفة أيضًا كغيرها.
وقال أبو يوسف ومحمد وهو قول عند الشافعية: لا يزول ملكه بردته، لأن الملك كان ثابتًا له حالة الإسلام لوجود سبب الملك وأهليته وهي الحرية، والكفر لا ينافي الملك كالكافر الأصلي، وبناء على هذا تكون تصرفاته جائزة كما تجوز من المسلم حتى لو أعتق، أو دبر، أو كاتب، أو باع، أو اشترى، أو وهب نفذ ذلك كله، إلا أن أبا يوسف قال: يجوز تصرفه تصرف الصحيح، أما محمد فقال: يجوز تصرفه تصرف المريض مرض الموت، لأن المرتد مشرف على التلف؛ لأنه يقتل فأشبه المريض مرض الموت.
وقد أجمع فقهاء الحنفية على أن استيلاء المرتد وطلاقه وتسليمه الشفعة صحح ونافذ، لأن الردة لا تؤثر في ذلك.
والقول الثالث: عند الشافعية - وصححه أبو إسحاق الشيرازي - وهو قول أبي يكر من الحنابلة أن ملكه يزول بردته لزوال العصمة بردته فماله أولى، ولما روي طارق بن شهاب أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قال لوفد بزاخة وغطفان: نغنم ما أصبنا منكم وتردون إلينا ما أصبتم منا. ولأن المسلمين ملكوا
دمه بالردة فوجب أن يملكوا ماله.
وعلى هذا فلا تصرف له أصلًا لأنه لا ملك له.
وما سبق إنما هو بالنسبة للمرتد الذكر باتفاق الفقهاء وهو كذلك بالنسبة للمرتدة الأنثى عند المالكية والشافعية والحنابلة.
وعند الحنفية لا يزول ملك المرتدة الأنثى عن أموالها بلا خلاف عندهم فتجور تصرفاتها؛ لأنها لا تقتل فلم تكن ردتها سببًا لزوال ملكها عن أموالها.
أثر الردة على الزواج:
اتفق الفقهاء على أنه إذا ارتد أحد الزوجين حيل بينهما فلا يقربها بخلوة ولا جماع ولا نحوهما. ثم قال الحنفية: إذا ارتد أحد الزوجين المسلمين بانت منه امرأته مسلمة كانت أو كتابية، دخل بها أو لم يدخل، لأن الردة تنافي النكاح ويكون ذلك فسخًا عاجلًا لا طلاقًا ولا يتوقف على قضاء.