للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا كان كذلك فيبقى هذا المال فيئًا لبيت مال المسلمين، كما يؤخذ مال الذمي إذا لم يخلف وارثًا، وكالعشور.

القول الثاني: جميع ماله لورثته من المسلمين، سواء ما اكتسبه قبل الردة أو بعدها، وهذا مذهب أبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة وهو رواية ثانية في مذهب أحمد، وهو مروي عن أبي بكر وعليٍّ وابن مسعود - رضي الله عنهم -، وبه قال جماعة من السلف، منهم: الحسن وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي والثوري (١) وحجتهم:

١ - ما روي عن زيد بن ثابت أنه قال: «بعثني أبو بكر بعد رجوعه إلى أهل

الردة أن أقسم أموالهم بين ورثتهم المسلمين» كذا ذكره ابن قدامة (!!) والذي عند البيهقي عن زيد بن ثابت «أن مال المرتد فيء يكون لبيت مال المسلمين» (!!) فليحرر.

٢ - قالوا: ولأن ردته ينتقل بها ماله، فوجب أن ينتقل إلى ورثته المسلمين، كما لو انتقل بالموت.

القول الثالث: ما اكتسبه قبل الردة لورثته المسلمين.

وهذا مذهب أبي حنيفة وإسحاق (٢)، قالوا: وما اكتسبه في ردته يكون فيئًا لبيت المال، وحجتهم كأصحاب القول الثاني.

القول الرابع: ماله لورثته ممن على الدين الذي انتقل إليه، وإلا فهو فيء، وهذه رواة ثالثة في مذهب أحمد، وهو قول داود الظاهري، وهو مروي عن علقمة وسعيد بن أبي عروبة (٣)، وحجتهم:

١ - أنه كافر فيرثه أهل دينه كالحربي، وسائر الكفار.

٢ - ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» (٤) فلم يمنع أن يرث الكافر الكافر.

الراجح:

أقول: القولان الثاني والثالث خلاف النص الثابت، ولا دليل على أن مال


(١) «المبسوط» (١٠/ ١٠٤)، و «البدائع» (٧/ ١٣٨)، و «الإنصاف» (١٠/ ٣٣٩).
(٢) «المبسوط» (١٠/ ١٠١)، و «البدائع» (٧/ ١٣٨)، و «المغني» (٦/ ٣٤٦).
(٣) «المحلي» (١١/ ١٩٧)، ومراجع الحنابلة المتقدمة.
(٤) صحيح: تقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>