للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمد، وبهذا قال الجمهور مالك والشافعي وأحمد وصاحبا أبي حنيفة، وبه قال النخعي والزهري وابن سيرين وإسحاق وغيرهم، واحتجوا بما يلي:

١ - عموم قوله تعالى: {ومن قتل مظلومًا فقد جعلنا لوليه سلطانًا} (١) قالوا: وهذا مقتول مظلومًا.

٢ - عموم قوله تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى} (٢).

٣ - حديث أنس - رضي الله عنه -: «أن يهوديًّا قتل جارية على أوضاح لها بحجر، فقتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حجرين» (٣).

٤ - قالوا: ولأن المثقل يقتل غالبًا فأشبه المحدد.

الثاني: لا يعتبر القتل بالمثقل عمدًا: وهو مذهب أبي حنيفة المشهور عنه (٤)، وبه قال الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء وطاووس وغيرهم، واحتجوا بما يلي:

١ - حديث: «ألا إن في قتيل عمد الخطأ - قتيل السوط والعصا [والحجر]

- مائة من الإبل ...» (٥) قالوا: فسمي القتل بالحجر عمد الخطأ، وأوجب فيه الدية دون القصاص.

٢ - قالوا: ولأن العمد لا يمكن اعتباره بنفسه، فيجب ضبطه بمظنته، ولا يمكن ضبطه بما قتل غالبًا لحصول العمد بدونه في الجرح الصغير، فوجب ضبطه بالجرح!!

الراجح: والذي يترجَّح لديَّ قول الجمهور لما استدلوا بما هو واضح الدلالة، وأما الحديث فلو ثبت فيه لفظ «والحجر» (٦) فهو محمول على المثقل الصغير الذي لا يغلب على الظن حصول الزهوق به؛ لأنه اقترن بالعصا والسوط، وأما ضبط الضرب بالمثقل بالجرح ففيه نظر، بدليل ما لو قتله بالنار، والله أعلم.


(١) سورة الإسراء: ٣٣.
(٢) سورة البقرة: ١٧٨.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٦٨٧٩)، ومسلم (١٦٧٢).
(٤) وعنه رواية ثانية في مثقل الحديد أنه لا يعتبر عمدًا.
(٥) حسن: أخرجه أبو داود (٤٥٤٧)، و «النسائي (٨/ ٤٠، ٤١)، وابن ماجة (٢٦٢٧)، وابن الجارود (٧٧٣)، والبيهقي (٨/ ٦٨)، والطحاوي (٣/ ١٨٥) وغيرهم ومداره على عقبة بن أوس، وهو شبه حسن.
(٦) صحَّ عن ابن مسعود: «أن شبه العمد: الحجر والعصا» أخرجه عبد الرزاق (٩/ ٢٧٧ - ٢٧٨)، من طريقين يقوي أحدهما الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>