للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتؤدَّى مؤجلة في ثلاث سنين في آخر كل سنة ثلثها، على نحو ما تقدم في قتل الخطأ.

ولا تغلظ الدية في غير الإبل: عند الفقهاء؛ لأنها مقدرة، ولم يرد النص في غير الإبل، فيقتصر على التوقيف (١).

٣ - الدية في القتل العمد (٢):

الأصل أن القتل العمد موجب للقصاص كما تقدم في «الجنايات» لكن إذا سقط القصاص عن الجاني، إما لعفو أولياء القتيل أو غير ذلك مما تقدم، فإنه تجب الدية إما بالصلح (برضا الجاني) كما يقول الحنفية والمالكية، وإما بدلًا عن القصاص (ولو بغير رضا الجاني) كما هو المعتمد عند الشافعية فليست الدية عقوبة أصلية للقتل العمد.

وذهب الحنابلة - وهو قول عند الشافعي - إلى أن الدية عقوبة أصلية بجانب القصاص في القتل العمد، فالواجب عندهم أحد شيئين: القود أو الدية، ويخيَّر الولي بينهما، ولو لم يرض الجاني.

والدية في قتل العمد مغلظة، سواء أوجب فيه القصاص وسقط بالعفو، أو لشبهة أو نحوهما، أم لم يجب أصلًا كقتل الوالد ولده، واختلفوا في كيفية تغليظها.

قلت: وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل متعمدًا دُفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا أخذوا الدية، وهي: ثلاثون

حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفَة، وما صولحوا عليه فهو لهم» وذلك لتشديد العقل (٣).

فينبغي العمل به، لهم أن يصالحوا على أكثر من ذلك للحديث، والله أعلم.

دية العمد تجب من مال القاتل: ولا خلاف في هذا بين أهل العلم فلا تحمله العاقلة، ويؤيد هذا:

١ - حديث أبي رمثة التيمي قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعي ابن لي، فقال: ابنك؟ قلت: اشْهَد به، قال: «لا يجني عليك ولا تجني عليه» (٤).

٢ - ولأن العامد لا عذر له، فلم يخفف بحمل العاقلة.


(١) «كشاف القناع» (٦/ ١٩).
(٢) «البدائع» (٧/ ٢٤١)، و «الدسوقي» (٤/ ٢٣٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٥٥)، و «المغني» (٧/ ٧٦٥).
(٣) حسن: أخرجه الترمذي (١٤٠٦)، وابن ماجة (٢٦٢٦).
(٤) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٢٠٧)، والنسائي (٨/ ٥٣)، وأحمد (٢/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>