للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألفاظ والأفعال، انعقد العقد عند كل قوم بما يفهمونه بينهم من الصيغ والأفعال، وليس لذلك حد مستمر لا في شرع ولا لغة بل يتنوع بتنوع اصطلاح الناس، كما تتنوع لغاتهم. وهذا هو الغالب على أصول مذهب مالك، وظاهر مذهب أحمد، ورواية عن أبي حنيفة، وقال به صاحب الشامل والمتولى والبغوى والرويانى من الشافعية وهذا القول هو الراجح.

واختاره ابن قدامة وشيخ الإِسلام ابن تيمية ورجحه ابن عثيمين رحم الله الجميع.

• فائدة: قال شيخ الإِسلام: وما ذكره بعض أصحاب مالك وأحمد - من أنه لا ينعقد (العقد) إلا بهذين اللفظين (الإيجاب والقبول) بعيد عن أصولهما (١).

• واستدلوا بأدلة منها:

١ - أن الأصل في المعاملات الإباحة حتى يرد من الشرع ما ينقل عن ذلك ولم يرد.

٢ - أن الله تعالى أحل البيع ولم يبين كيفيته؛ فوجب الرجوع فيه إلى العرف: كالقبض المذكور في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه" (٢).

٣ - أن الله تعالى اكتفى بالتراضى في البيع في قوله: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٣) وبطيب النفس في التبرع في قوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (٤) ولم يشترط لفظًا معينًا، ولا فعلًا معَينًا يدل على التراضي، وعلى طيب النفس، ومعلوم بالاضطرار من عادات الناس أنهم يعلمون التراضى وطيب النفس بطرق متعددة.

٤ - عدم النقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه مع كثرة وقوع البيع بينهم تحديد صيغة معينة.

٥ - أن البيع والشراء مما تعم به البلوى ويعظم خطره، فلو كان الإيجاب والقبول شرطًا لصحته لبينه - صلى الله عليه وسلم - بيانًا كافيًا لإفضاء إخفاء الحكم إلى أكل أموال الناس بالباطل (٥).


(١) مجموع الفتاوى (١٥/ ص ١٠).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٢١٣٣) عن ابن عمر ومسلم (١٥٢٥) وغيره عن ابن عباس.
(٣) سورة النساء: ٢٩.
(٤) سورة النساء: ٤.
(٥) ترجيحات ابن قدامة (جـ ٢/ ص١٣، ١٤، ١٥)، فتاوى ابن تيمية (جـ١٥/ ص١١، ١٢، ١٣) والمجموع (جـ٩/ ص ١٥٤، ١٥٥) الشرح الممتع (جـ٨/ ص١١٤، ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>