للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - لأن الناس ما زالوا يتبايعون حضرًا وسفرًا وبرًا وبحرًا وسهلًا وجبلًا من غير إشهاد مع علم الناس بذلك من غير نكير، ولو كان واجبًا ما تركوا النكير على تاركه.

٥ - ولأن المبايعة تكثر بين الناس في أسواقهم وغيرها، فلو وجب الإشهاد في كل ذلك لأفضى إلى الحرج المحطوط عنهم بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١).

٦ - أن الأمر في الآية (وأشهدوا) للإرشاد إلى حفظ الأموال والتعليم، كما أمر بالرهن والكتابة وليس ذلك بواجب وهو الراجح إن شاء الله تعالى.

• تنبيه: حديث "ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: .. ومنهم: رجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه" ضعيف.

• أصل الأمر بالكتابة والشهود:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال: الحمد لله، فحمد الله بإذن الله، فقال له ربه: يرحمك ربك يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملإ منهم جلوس، فسلم عليهم فقال: السلام عليكم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه فقال: هذه تحيتك وتحية بَنِيك بينهم، وقال الله -جل وعلا- ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت، فقال: اخترتَ يمين ربى وكلتا يدي ربى يمين مباركة، ثم بسطها، فإذا فيها آدم وذريتهُ فقال: أي رب ما هؤلاء؟ فقال: هؤلاء ذريتك، فإذا كل إنسان مكتوب عُمُره بين عينيه، فإذا فيهم رجل أضوؤهم -أو من أضوئهم- لم يكتب له إلا أربعون سنة، قال: يا رب ما هذا؟ قال: هذا ابنك داود وقد كتبت له عمره أربعين سنة، قال: أي رب زده في عمره، قال: ذاك الذي كتبت له، قال: فإنى جعلتُ له من عمرى ستين سنة، قال: أنت وذاك اسكن الجنة، فسكن الجنة ما شاء الله، ثم أُهبط منها. وكان آدم يعُدُّ لنفسه، فأتاه ملكُ الموت، فقال له آدم: قد عجلتَ، قد كُتِبَ لي ألف سنة؟ قال: بلى، ولكنك قد جعلت لابنك داود منها ستين سنة فجحد فجحدت ذريته، ونسى فنسيت ذريته، فمن يومئذ أمر بالكتاب والشهود" (٢) ابن حبان الموارد (٢٠٨٢).


(١) سورة الحج: ٧٨.
(٢) صحيح بمجموع طرقه أخرجه الترمذي (٣٣٦٨) وابن حبان (٦١٦٧)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٧٠٨)، وابن خزيمة في التوحيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>