للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث، قال: من أسلف في شىء ففى كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" (١).

أما الإجماع: فقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز، ولأن بالناس حاجة إليه، لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم أو على الزرع ونحوها حتى تنضج، فجوز لهم السلم دفعًا للحاجة.

• وقد استثنى عقد السلم من قاعدة عدم جواز بيع المعدوم، لما فيه من تحقيق مصلحة اقتصادية، ترخيصًا للناس، وتيسيرًا عليهم، وصرح في المدونة بأن السلم رخصة مستثناة من بيع ما ليس عند بائعه.

• وقال زكريا الأنصارى: السلم عقد غرر جُوِّز للحاجة (٢).

• قال القرافى: السلف رخَّص فيه صاحب الشرع لمصلحة المعروف بين العباد فاستثناه لذلك (٣).

ظن بعض العلماء خروجه عن القياس وعده من "باب بيع ما ليس عندك" المنهى عنه في حديث حكيم بن حزام.

ولكن هذا الظن بعيد عن الصواب وليس بشىء، فإن حديث حكيم بن حزام يراد به بيع عين معينة ليست في ملك البائع حينما أجرى عليها العقد، وإنما يشتريها من صاحبها فيسلمها للمشترى الذي اشتراها منه قبل دخولها في ملكه، وهذا هو صريح الحديث وقصته.

فأما السلم فهو متعلق بالذمة لا العين، فهو بيع موصوف في الذمة، لذا فهو على وفق القياس، والحاجة داعية إليه (٤).

• وقال ابن القيم - رحمه الله -:

وقد فطر الله العقلاء على الفرق بين بيع الإنسان ما لا يملكه ولا هو مقدور


(١) أخرجه البخاري (٢٢٤٠) ومسلم (١٦٠٤).
(٢) راجع الفقه الإِسلامى (د. وهبة الزحيلى) (٤/ ٥٩٨) والموسوعة الفقهية الكويتية (٢٥/ ١٩٤
(٣) الذخيرة (٥/ ٢٥٥).
(٤) توضيح الأحكام من بلوغ المرام (٤/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>