للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الترمذى في سننه تعقيبًا على حديث النهى عن بيعتين في بيعة: وفسره بعضى أهل العلم، أن يقول الرجل: أبيعك هذا الثوب نقدًا بعشرة، ونسيئة بعشرين، ولا يفارقه على أحد البيعين، فإذا فارقه على أحدهما فلا بأس إذا كانت العقدة على أحدهما (١).

فهذا القول يفيد أن علة النهى هى جهالة المتعاقدين بالثمن، إذ يقبض المشترى السلعة ويفارق البائع دون أن يعين ما إذا كان الثمن المعجل أو المؤجل هو الذي تم به البيع، أما إذا انتفت العلة بأن حدد المشترى أي الثمنين يختار لإتمام العقد به فإن العقد يصح لانتفاء الجهالة المفضية إلى المنازعة.

وهذه العلة هى التي نص عليها الخطابى (٢) والصنعانى (٣) والشوكانى (٤) وصاحب بذل المجهود (٥) وفتح العلام (٦).

ثانيًا: علة النهى عند الفقهاء:

قال السرخسى في شأن علة النهى "وإذا اشترى شيئًا إلى أجلين وتفرق على ذلك لم تجز ... وإن ساومه على ذلك ثم قاطعه على أحدهما وأمضى البيع عليه جاز" (٧) وقال في موضع آخر بعد بيان معنى بيعتين في بيعة .. فهو فاسد لأنه لم يقاطعه على ثمن معلوم .. فإن كانا يتراضيان بينهما ولم يفترقا حتى قاطعه على ثمن معلوم، وأتما العقد عليه فهو جائز، لأنهما ما افترقا إلا بعد تمام شروط الصحة" (٨).

وهذا ظاهر في أن علة النهى عن بيعتين في بيعة وفي معناها هى عدم العلم بالثمن الذي تم عليه العقد، مما يعني أنه إذا انتفت العلة المذكورة وعلم الثمن يصح البيع.

وما ذهب إليه السرخسى هو ما ذهب إليه غيره من فقهاء الحنفية كعلاء الدين


(١) "سنن الترمذى" (٣/ ٥٣٣).
(٢) "معالم السنن" (٣/ ١٢٣).
(٣) "سبل السلام" (٣/ ١٦).
(٤) "نيل الأوطار" (٥/ ١٧٢).
(٥) "بذل المجهود" (١٥/ ١٣٦).
(٦) "فتح العلام" (٢/ ١٣).
(٧)، (٨) "المبسوط" (١٣/ ٢٨، ١٣/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>