للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وأما الإجماع، فأجمعت الأمة على جواز التيمم في الجملة» اهـ.

عَمَّ يجزئ التيمم؟

التيمم بدل عن الوضوء والغسل عند انعدام الماء أو تعذُّر استعماله، قال النووي: هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، إلا عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود (١) وإبراهيم النخعي التابعي، فإنهم منعوه [يعني: منعوا التيمم عن الحدث الأكبر] قال ابن الصباغ وغيره: وقيل: إن عمر وعبد الله رجعا.

واحتج أصحابنا والجمهور بقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إلى قوله: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}. ثم قال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} وهو عائد إلى المحدث والجنب جميعًا .... اهـ (٢).

قلت: وثمة دليل آخر على مشروعية التيمم من الحدث الأكبر، وهو قوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} (٣).

فالمراد بالملامسة في الآية: الجماع، على قول فريق من أهل العلم منهم ابن عباس رضي الله عنهما (٤).

ثم قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على إجزاء التيمم عن الجنابة ومن ذلك:

١ - حديث عمران بن حصين المتقدم وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن أصابته جنابة: «عليك بالصعيد فإنه يكفيك» (٥).

٢ - حديث عمار بن ياسر قال: أجنبت فتمعَّكْت في التراب، فأخبرت


(١) جاء في صحيح البخاري (٣٤٥)، ومسلم (٧٩٦) منع ابن مسعود التيمم من الجنابة، واحتجاج أبي موسى عليه بالآية، قلت: لعل منع ابن مسعود ذلك مُخَرَّج على ما صح عنه عند الطبري (٩٦٠٦) في تفسيره لقوله تعالى {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} بأن «الملامسة ما دون الجماع» فليُحرر.
(٢) المجموع (٢/ ٢٤٠).
(٣) سورة النساء، الآية: ٤٣.
(٤) «تفسير الطبري» (٩٥٨٣) بسند صحيح عنه.
(٥) متفق عليه: وتقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>