للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال الإِمام النووى - رحمه الله -:

أما النهي عن بيع فضل الماء ليمنع به الكلأ فمعناه أن تكون لإنسان بئر مملوكة له بالفلاة وفيها ماء فاضل عن حاجته، ويكون هناك كلأ ليس عنده ماء إلا هذه، فلا يمكن أصحاب المواشى رعيه إلا إذا حصل لهم السقي من هذه البئر، فيحرم عليه منع فضل هذا الماء للماشية، ويجب بذله لها بلا عوض، لأنه إذا منع بذله امتنع الناس من رعى ذلك الكلأ، خوفًا على مواشيهم من العطش، ويكون بمنعه الماء مانعًا من رعى الكلأ (١).

إذًا في منع الماء الزائد عن حاجة الإنسان فيه الضرر على الحرث والنسل والمواشي، وقد نهينا عن الضرر. ولذلك توعد الله من فعل ذلك بأنه يمنع من فضل الله يوم القيامة ولا يكلمه.

• عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل مائه فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك".

وفي رواية: "رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل" (٢).

٦ - بيع المحتكر:

عن معمر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحتكر إلا خاطئ" (٣).

• قال النووى - رحمه الله -:

قال أهل اللغة: الخاطئ: هو العاصي الآثم.

وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار.

قال أصحابنا: الاحتكار المحرم هو الاحتكار في الأقوات خاصة، وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة، ولا يبيعه في الحال، بل يدخره ليغلو ثمنه، فأما إذا جاء من قريته، أو اشتراه في وقت الرخص وادخره أو ابتاعه في


(١) شرح صحيح مسلم (٥/ ٢٦١،٢٦٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٥٨ - ٢٣٦٩) ومسلم (١٠٨).
(٣) أخرجه مسلم (١٦٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>