للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتابع» فقالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا، ما صلوا» (١) قالوا: وقد ثبت أنه لا يباح قتالهم إلا إذا كفروا كفرًا ظاهرًا بواحًا، كما في حديث عبادة في ذكر مبايعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان» (٢) فعُلم أن ترك الصلاة من الكفر الأكبر البواح.

(هـ) أن كفر تارك الصلاة هو قول جمهور الصحابة بل حكى غير واحد إجماعهم عليه:

١٣ - قال عبد الله بن شقيق: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة» (٣).

وقال عمر بن الخطاب: «نعم، ولا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة» (٤).

وقال ابن مسعود: «من لم يصلِّ فلا دين له» (٥).

وقال أبو الدرداء: «لا إيمان لمن لا صلاة له» (٦).

وأجاب المانعون: بأن قول جمهور الصحابة ليس بحجة ما لم ينعقد إجماعهم عليه والإجماع غير مسلَّم، لأن ابن حزم إنما نقل هذا القول عن عمر بن الخطاب ومعاذ وعبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وغيرهم، وقوله بعد ذلك: لا نعلم لهؤلاء مخالفًا من الصحابة لا يدل على عدم وجود المخال!!

الترجيح:

بعد ذكر طرف من أدلة كل فريق، وشيء من مناقشتهم، فإن الناظر فيما تقدم، يرى أن كلا القولين مما تحتمله الأدلة الواردة في المسألة، وليس يسهل هنا القطع بصواب أحدهما وخطأ الآخر - على أن ترجيح مثلي لن يعطى قولاً زيادة قوة- لكن الأرجح في نظري من جهة الأصول: القول بكفره، لا سيما إذا استتابه الإمام، لأن من كان مقرًّ بالصلاة في الباطن، معتقدًا وجوبها، يمتنع أن يصرَّ على تركها حتى يقتل، إذ لا يعقل أن يُدعى تارك الصلاة على رءوس الملأ، وهو


(١) صحيح: أخرجه مسلم (١٨٥٤)، والترمذي (٢٢٦٦)، وأبو داود (٤٧٦٠).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٧٠٥٥)، ومسلم (١٧٠٩).
(٣) إسناده صحيح: وقد تقدم.
(٤) إسناده صحيح: وانظر «تعظيم قدر الصلاة» (٩٢٣ - ٩٣١) بتحقيقي.
(٥) في سنده لين: وانظر «تعظيم قدر الصلاة» (٩٣٥ - ٩٣٧) بتحقيقي.
(٦) إسناده حسن: وانظر «تعظيم قدر الصلاة» (٩٤٥) بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>