للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراجح: الذي يظهر لي أن القول الثاني هو الأقوى، والأول أحوط، ولابد من المصير إلى الثالث إذا ضاق الوقت والله أعلم.

[٥] إذا لم يصلِّ الصلاة حتى خرج وقتها بغير عذر: ففي حكم قضاء هذه الصلاة قولان للعلماء:

الأول: أنه يجب عليه قضاؤها: وهو مذهب جمهور العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم، حتى ادَّعى النووي الإجماع عليه (١) -ولا يصح- وجملة ما استدلوا به:

١ - الأحاديث الواردة بوجوب القضاء على الناسي، قالوا: يُستفاد من مفهوم خطابها وجوب القضاء على العامد من باب أولى.

وأُجيبَ عنه: بأن القائل بأن العامد لا يقضي لم يرد أنه أخف حالاً من الناسي، بل إن المانع من وجوب القضاء على العامد أنه لا يسقط عنه الإثم فلا فائدة فيه، فيكون إثباته مع عدم النص عبثًا بخلاف الناسي والنائم فقد أمرهم الشارع بذلك، وصرَّح بأن القضاء كفارة لهما، لا كفارة لهما سواه (٢).

ثم إن القياس إنما هو قياس الشيء على نظيره، لا على ضده، وهذا لا خلاف فيه، والعمد ضد النسيان، والمعصية ضد الطاعة، فكيف تقاس عليها؟! (٣).

٢ - قوله صلى الله عليه وسلم في قضاء النائم والناسي: «لا كفارة لها إلا ذلك»، قالوا: يدل على أن العامد مراد بالحديث، لأن النائم والناسي لا إثم عليهما، فالمراد بالناسي التارك.

وأُجيب عنه: بأن هذا الكلام يستلزم عدم وجوب القضاء على النائم والناسي لعدم الإثم الذي جعلوا الكفارة منوطة به، والأحاديث الصحيحة صرَّحت بوجوب ذلك عليهما!! ثم إن الكفارة قد تكون عن الخطأ كما تكون عن العمد، وهذا واضح.

٣ - القياس على وجوب القضاء على من أفطر عمدًا في رمضان كالمجامع في نهار رمضان.


(١) «العناية» (١/ ٤٨٥ - مع فتح القدير)، و «الدسوقي» (١/ ٢٦٤)، و «المجموع» (٣/ ٧١)، و «الإنصاف» (١/ ٣٤٢)، و «الممتع» (٢/ ١٣٣).
(٢) «نيل الأوطار» (٢/ ٣٢).
(٣) «المحلى» (٢/ ٢٣٧)، وفيه بحث رائق في الرد على القائلين بوجوب القضاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>