للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو للوجوب الفوري، والمراد بالفور: الفور العادي بحيث لا يُعَدُّ مفرطًا، وهذا مذهب المالكية والحنابلة (١).

وذهب الحنفية والشافعية إلى استحباب الفور وجواز التراخي في القضاء (٢)، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما استيقظوا من النوم بعد طلوع الشمس، لم يصلوا إلا بعد ارتحالهم إلى مكان آخر؟!

وأُجيب: بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علَّلَّ ذلك بقوله: «ليأخذ كل رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان ...» (٣). فكان المانع من الصلاة أنه مكان حضره الشيطان، فلا يدل على مشروعية التراخي في القضاء.

وعلى هذا، فلو استيقظ شخص بعد طلوع الشمس، فلا يجوز له أن يعاود النوم حتى يصلي فإنه وقتها، والله أعلم.

الترتيب في قضاء الفوائت:

عن جابر بن عبد الله «أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس، فجعل يسبُّ كفار قريش، وقال: يا رسول الله، ما كِدْتُ أصلِّي العصر حتى كادت الشمس تغرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والله ما صلَّيْتُها» فتوضأ وتوضأنا، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلَّى بعدها المغرب» (٤).

وعن أبي سعيد قال: حُبسْنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهويٍّ من الليل كُفينا، وذلك قول الله تعالى: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً} (٥). قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً، فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام العصر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أره فأقام المغرب فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام المغرب فصلاها كذلك، قال: وذلك قبل أن ينزل الله عز وجل في صلاة الخوف {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} (٦).


(١) «الشرح الصغير» (١/ ٣٦٦٥)، و «كشاف القناع» (١/ ٢٦٠).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٧٤)، و «المجموع» (٣/ ٦٩).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٦٨٠)، والنسائي (١/ ٨٠) عن أبي هريرة.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٥٦٨)، ومسلم (٢٠٩).
(٥) سورة الأحزاب، الآية: ٢٥.
(٦) صحيح: أخرجه النسائي (١/ ٢٩٧)، وأحمد (٣/ ٢٥)، وابن خزيمة (٩٩٦)، وأبو يعلى (١٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>