للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أنها نزلت قبل نزول الفاتحة، لأنها نزلت بمكة والنبي صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، فنسخه الله تعالى عنه بها.

٢ - في حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته قال صلى الله عليه وسلم: «ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن» (١).

وأجيب بأن قوله (ما تيسَّر): مجمل مبيَّن، أو مطلق مقيد، أو مبهم مفسَّر برواية (اقرأ بأم القرآن) [إن صحت!!] لأن الفاتحة كانت هي المتيسِّرة لحفظ المسلمين لها، وقيل: إن المراد بـ «ما تيسر» فيما زاد على الفاتحة جمعًا بين الأدلة.

٣ - أن الفاتحة لو كانت ركنًا لوجب تعلمها ولما عدل النبي صلى الله عليه وسلم عنها -عند التعذر- إلى بدلها كما في لفظ لحديث المسيء صلاته: «فإن كان معك قرآن وإلا فاحمد الله ...» (٢).

وأجيب بأن هذا فرضه حين لا قرآن معه، على أنه يمكن تقييده بعدم الاستطاعة لتعلم القرآن كما في حديث ابن أبي أوفى: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا فعلمني ما يجزيني في صلاتي، فقال: «قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله» (٣).

قلت: ولا شك أن مذهب الجمهور أقوى، وهو الذي يتعين المصير إليه، فلا تصح الصلاة التي لا يقرأ فيها بالفاتحة لمن استطاع حفظها، لحديث عبادة المتقدم ولا يعكِّر عليه شيء مما تقدم، لأنه -على أقل تقدير- تضمن حكمًا زائدًا على الآية وحديث المسيء فيتحتم الأخذ به.

ثم إن ظواهر هذه الأحاديث إذا ضُمت إلى حديث أبي قتادة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب» (٤) ومع حمل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث «المسيء صلاته»: «ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» على أن المراد في كل ركعة، دلَّ ذلك كله على ركنية قراءة الفاتحة في كل ركعة من غير فرق بين الإمام والمأموم وبين إسرار الإمام وجهره على ما سيأتي تحريره.


(١) صحيح: تقدم مرارًا.
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٨٥٦).
(٣) حسنه الألباني: أخرجه أبو داود (٨٣٢) وغيره، وانظر «الإرواء» (٣٠٣).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٧٥٩) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>