للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فظاهر قوله: «ويحمد الله عز وجل وثني عليه» أنه دعاء الاستفتاح، قال الصنعاني: «فيؤخذ منه وجوب مطلق الحمد والثناء بعد تكبيرة الإحرام» (١) اهـ.

قلت: ولا مانع من القول بالوجوب إذ قد صحَّ الحديث ولم ينعقد على خلافه إجماع، بل القول بوجوبه هو رواي عن أحمد واختارها ابن بطة (٢)، وقد أطلق ابن رشد في «بداية المجتهد» (١/ ١٧٢) القول بوجوب التوجيه في الصلاة عن الشافعي وأبي حنيفة (!!) ولم أظفر بما يؤيد هذا عنهما إلا ما وقع في «الدر المختار» (١/ ٤٧٦) من عدِّ (الثناء) من الواجبات.

والأصل في دعاء الاستفتاح أن يُسَرَّ به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجهر به، وعليه عامة أهل العلم وإنما يجوز للإمام أن يجهر به أحيانًا ليعلمه الناس (٣).

كما جهر عمر بن الخطاب بقوله: «سبحانك اللهم وبحمدك ...» (٤).

يستثنى مما تقدم موضعان:

١ - في صلاة الجنازة: فإنه لا يشرع فيها دعاء الاستفتاح، لأنها مبنية على التخفيف والاختصار، وعن طلحة بن عبيد الله بن عوف قال: «صليت خلف ابن عباس على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: ليعلموا أنها سنة» (٥) وفي رواية «فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى يسمعنا ...».

ففيه إشارة إلى عدم مشروعية دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، إذ لم يجهر به ليعلمهم إياه كما جهر بالفاتحة.

وقيل: بل يشرع فيها كغيرها، والأول أقرب والله أعلم.

المسبوق إذا أدرك الإمام في غير القيام: فإنه لا يأتي بدعاء الاستفتاح لفوات محله.


(١) «سبل السلام» (١/ ٣١٢).
(٢) «الفروع» (١/ ٤١٣)، و «الإنصاف» (٢/ ١٢٠).
(٣) ذكر في «المغنى» (٢/ ١٤٥) نحوه عن أحمد.
(٤) إسناده صحيح: أخرجه مسلم (٣٩٩) منقطعًا ووصله الدارقطني (١/ ١٩٩)، والبيهقي (٢/ ٣٤)، ورجحا وقفه، وأخرجه عبد الرزاق (٢٥٥٥ - ٢٥٥٧)، وابن أبي شيبة (١/ ٢٣٠) من طرق متصلاً ومنقطعًا، وانظر «المجموع» (٣/ ٢٧٧)، و «الإرواء» (٣٤٠).
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (١٣٣٥)، وأبو داود (٣١٨٢)، والترمذي (١٠٣٢)، وابن ماجه (٢٤٩٠)، والنسائي (٤/ ٧٤، ٧٥)، والرواية الأخرى له.

<<  <  ج: ص:  >  >>