للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما في التقديم فلأن النفوس -لاشتغالها بأسباب الدنيا -تكون بعيدة عن حال الخشوع والحضور التي هي روح العبادة، فإذا قُدِّمت النوافل على الفرائض أنست النفس بالعبادة.

- وأما تأخيرها عنها، فلما تقدم من أن النوافل جابرة لنقص الفرائض، فإذا وقع الفرض ناسب أن يقع بعده ما يجبر الخلل الذي يقع فيه.

الرواتب: مؤكدة، وغير مؤكدة:

وهذه السنن التابعة للفرائض منها ما هو مؤكد قد داوم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي عشر، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الصبح (١). وبهذا قال الشافعية والحنابلة (٢).

وعند الحنفية (٣) الرواتب المؤكدة اثنتا عشرة: كالعشر السابقة لكن قبل الظهر أربع، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعًا قبل الظهر» (٤).

وعن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة، بُنى له بهن بيتُ في الجنة» قالت أم حبيبة: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم (٥).

زاد الترمذي: «أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر».

وأما المالكية فلا تحديد لعدد ركعات السنن الرواتب عندهم، بل يكفي في تحصيل الندب ركعتان في كل وقت.

ومن السنن الرواتب ما ليس بمؤكد، وهي ما ورد الندب إلى فعلها في الجملة من غير تأكيد.


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١١٨٠)، ومسلم (٧٢٩).
(٢) «المجموع» (٣/ ٥٠١)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٢٢).
(٣) «ابن عابدين» (١/ ٤٤١).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (١١٨٢).
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (٧٢٨)، والترمذي (٤١٥)، والزيادة له، وأبو داود (١٢٥٠)، وابن ماجه (١١٤١)، ولها شاهد من حديث عائشة عند الترمذي (٤١٤)، والنسائي (٣/ ٢٦٠)، وابن ماجه (١١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>