للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان يُقطِّع قراءته آية آية: (الحمد لله رب العالمين) ثم يقف، (الرحمن الرحيم) ثم يقف» (١).

ويستحب أن يتغنى بالقرآن، لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن» (٢).

وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أَذِنَ الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنَّى بالقرآن يجهر به» (٣).

ومعنى يتغنى: يحسِّن صوته جاهرًا مترنَّمًا على طريق التحزُّن، مما له تأثير في رقة القلب وإجراء الدمع، بشرط ألا يخرج عن شرط الأداء المعتبر عند أهل القراءات، وأما تمطيط القراءة، والتلحين الزائد فيها مما يخرج بالكلام عن موضعه فقد كرهه جمهور العلماء، والله أعلم.

هل يجهر بالقراءة أو يُسِرُّ؟

كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ بالقراءة في صلاة الليل تارة، ويجهر أخرى:

فعن عبد الله بن أبي قيس قال: سألت عائشة: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بصلاته أم يخافت بها؟ قالت: «ربما جهر بصلاته، وربما خافت بها» قلت: الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة (٤).

وعن ابن عباس قال: «كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: ربما يسمعه من في الحجرة، وهو في البيت» (٥) يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوسط بين الجهر والإسرار.

قلت: وهذا هو المستحب، فعن أبي قتادة قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليلة، فإذا هو بأبي بكر الصديق يخفض من صوته، قال: ومرَّ بعمر وهو صلي رافعًا صوته، قال: فلما اجتمعا عند النبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر، مررت بك


(١) صححه الألباني: وانظر «صحيح الجامع» (٤٨٧٦).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٧٥٢٧)، وكأن الصواب عن أبي هريرة الذي بعده، ومع هذا فقد أخرجه بهذا اللفظ أبو داود (١٤٦٩)، وأحمد (١٣٩٦) وغيرهما عن سعد وغيره بلفظه.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٥٠٢٣)، ومسلم (٧٩٢).
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٣٠٧)، والنسائي (١/ ١٩٩)، وأبو داود (١٤٣٧)، وأحمد (٦/ ٧٣).
(٥) حسن: أخرجه أبو داود (١٣٢٧)، والترمذي في «الشمائل» (٢٧٥ - مختصر)، وأحمد (١/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>