للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صلاَّها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في بعض الليالي، ولم يواظب عليها، خشية أن تُكتب عليهم فيعجزوا عنها: فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: «صلى في المسجد، فصلى بصلاته الناس، ثم صلى القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا الثالثة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: «قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم» وذلك في رمضان [فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك]» (١).

الجماعات في التراويح:

تقدم في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى بأصحابه التراويح في بعض الليالي.

وعن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا من الشهر شيئًا، حتى إذا بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا الليلة الرابعة، وقام بنا التي تليها حتى ذهب نحو من شطر الليل، قلنا: يا رسول الله لو نفَّلتنا بقية ليلتنا هذه؟ قال: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حُسبت له بقية ليلته» ثم لم يقم بنا السادسة وقام بنا السابعة، وبعث إلى أهله واجتمع الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قلت [أي: جبر بن نفير الراوي عن أبي ذر]: وما الفلاح؟ قال: السحور (٢).

وبقي الأمر على ذلك حتى كان زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجمع الناس في التراويح على إمام، ففي حديث عروة بن الزبير عن عائشة: «.. قال: فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كذلك كان في خلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر، حتى جمعهم عمر بن الخطاب على أُبيِّ بن كعب، فقام بهم في رمضان، وكان ذلك أول اجتماع الناس على قارئ واحد في رمضان» (٣).

وعن عبد الرحمن بن عبد القادر قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: «إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل» ثم عزم فجمعهم على أُبيِّ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١١٢٩)، ومسلم (٧٦١).
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (١٣٧٥)، والترمذي (٨٠٦)، والنسائي (٣/ ٢٠٢)، وابن ماجه (١٣٢٧).
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (٩٢٤)، والنسائي (٤/ ١٥٥) وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>