للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه، ومع هذا فقد وافق ابن مسعود على جواز الإتمام، وإلا لم يجز أن يُتَّم وراء أحد (١).

وأجاب الموجبون من وجوه:

(أ) أن عثمان أتم بمنى لأنه نوى الإقامة في مكة بعد الحج، وأتم من كان معه من الصحابة لأنهم يقيمون بإقامته، وأجيب: بأن الإقامة بمكة كانت حرامًا على المهاجرين، وكيف يقيم وصح عن عثمان أنه كان يودِّع النساء إلا على ظهر راحلته، ويسرع الخروج خشية أن يرجع في هجرته، وثبت أنه -لما حاصروه- قيل له: اركب رواحلك إلى مكة، قال: لن أفارق دار هجرتي» (٢).

(ب) وقيل: إن عثمان أتَّم بمنى لأنه تزوج بمكة، بدليل أنه لما أنكر الناس عليه صلاته بمنى أربعًا، قال: «أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من تأهلَّ في بلد فليصلِّ صلاة المقيم» (٣) وأجيب بان الحديث قد أعل بالانقطاع فلا يحتج به.

(جـ) وقيل: إن عثمان أتمَّ لأنه إمام المسلمين، وكل موضع نزل فيه يعتبر مقيمًا فيه ودارًا له!!

وأجيب: بأن الأولى بهذا الحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم والثابت عنه أنه كان يقصر في كل سفر.

٦ - واستدل الجمهور: بأن المسافر إذا دخل في صلاة المقيم صلَّى أربعًا بالاتفاق، ولو كان فرضه

القصر لم يأتم مسافر بمقيم. وأجاب الموجبون: بأن فرض المسافر ركعتان لم يتغير باقتدائه بالمقيم، لكن تكون الركعتان الأخريان نافلة، بدليل أنه إذا لم يقعد بعد الركعتين الأوليين تبطل صلاته لتركه القعود الذي هو فرض في حقِّه.

وأجيب: بأنه لا يسلَّم أن الركعتين الأخيرتين نافلة، ولو كانتا كذلك لما وجب عليه الإتمام خلف الإمام المقيم.

٧ - واستدل الجمهور بالقياس على الصوم للمسافر في نهار رمضان بجامع السفر في كلٍّ، فالإفطار له رخصة وليس بواجب، فكذلك القصر!!


(١) «شرح مسلم» للنووي (٥/ ٢٠٤).
(٢) «فتح الباري» (٢/ ٦٦٥) ط. السلفية.
(٣) ضعيف: أخرجه أحمد (١/ ٦٢) بسند ضعيف وأعلَّه البيهقي بالانقطاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>