وهذا الفرق العظيم بينهم وبينهم، يدل دلالة واضحة على أنهم ليسوا مأجورين في الخطأ في تقليد أعمى إذ لا اقتداء ولا أسوة في غير الحق.
وليسوا معذورين لأنهم تركوا ما يلزمهم تعلمه من أمر الله ونهيه على ضوء وحيه المنزل.
والذي يجب عليهم من تعلم ذلك، هو ما تدعوهم الحاجة للعمل به، كأحكام عباداتهم ومعاملاتهم.
وأغلب ذلك تدل عليه نصوص واضحة، سهلة التناول من الكتاب والسنة.
والحاصل أن المعرض عن كتاب الله، وسنة رسوله المفرط في تعلم دينه، مما أنزل الله، وما سنه رسوله، المقدم كلام الناس على كتاب الله وسنة رسوله - لا يكون له البتة ما للإمام الذي لم يعرض عن كتاب الله وسنة رسوله، ولم يقدم عليهما شيئًا ولم يفرط في تعلم الأمر والنهي من الكتاب والسنة.
فأين هذا من هذا؟
سارت مشرقة وسرت مغربًا
شتان بين مشرق ومغرب
(٨) شبهة: منع العمل بالكتاب والسنة مطلقًا إلا للمجتهد (١):
اعلم أن المتأخرين من أهل الأصول الذين يقولون بمنع العمل بالكتاب والسنة مطلقًا إلا للمجتهدين، يقولون: إن شروط الاجتهاد هي: كون المجتهد بالغًا عاقلاً شديد الفهم طبعًا، عارفًا بالدليل العقلي، الذي هو استصحاب العدم الأصلي حتى يرد نقل صارف عنه.
عارفًا باللغة العربية وبالنحو من صرف وبلاغة مع معرفة الحقائق الشرعية والعرفية.
وبعضهم يزيد المحتاج إليه من فن المنطق كشرائط الحدود، والرسول، وشرائط البرهان.
عارفًا بالأصول، عارفًا بأدلة الأحكام من الكتاب والسنة.