للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل الدليل على منعه فيتجه إلى نفي الكمال، وهنا لا دليل كذلك، ثم هذا مردود بأمره صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة كما تقدم.

٤ - صلاة أم سليم وحدها في الصف خلف أنس واليتيم، مؤتمِّين بالنبي صلى الله عليه وسلم وأجيب بأنها حجة ضعيفة لا تقاوم حجة النهي، فإن وقوف المرأة خلف صف الرجال سنة مأمور بها، ولو وقفت في صف الرجال لكان ذلك مكروهًا فلا يصح القياس، ثم إن المرأة وقفت خلف الصف لأنه لم يكن لها من تصافه، ولو كان معها امرأة أخرى لكان عليها أن تقف معها وكان حكمها حكم الرجل المنفرد خلف الصف (١).

القول الثالث: التفصيل: فإن انفرد لعذر صحت صلاته وإلا بطلت، وهو قول الحسن البصري وقول عند الحنفية واختاره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، ورجَّحه العلامة ابن عثيمين (٢) -رحم الله الجميع- وحجتهم أدلة القول الثاني لكنهم قالوا: إن نفي الصحة لا يكون إلا بفعل محرم أو ترك واجب، والقاعدة أنه لا واجب مع العجز.

قلت: ولعلَّ هذا أعدل الأقوال ويليه القول الأول، والله أعلم.

رَايٌ:

الذي يقع في نفسي أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف» هو من يصلي خلف صفوف المصلين غير مؤتم بالإمام، وحينئذ لا يكون في الحديث إشكال، لكن لم أجد سلفًا في

هذا الفهم -مع قوة احتمال السياقات له وموافقته أصول الشريعة- فلا أجسر على الجزم به، والله أعلم.

من جاء وقد اكتملت الصفوف، ماذا يصنع؟ (٣).

ينبغي تجنُّب الصلاة منفردًا خلف الصف قدر الإمكان، حتى تنتفي الكراهة على قول الجمهور، وتصح الصلاة على قول الحنابلة:


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٣٩٥).
(٢) «البدائع» (١/ ٢١٨)، و «الإنصاف» (٢/ ٢٨٩)، و «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٣٩٦)، و «إعلام الموقعين» (٢/ ٤١)، و «تهذيب السنن» (٢/ ٢٦٦ - العون)، و «الممتع» (٤/ ٣٨٣).
(٣) «البدائع» (١/ ٢١٨)، و «فتح القدير» (١/ ٣٠٩)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٨٠)، و «مغنى المحتاج» (١/ ٢٤٨) و «المجموع» (٤/ ٢٩٧)، و «كشاف القناع» (١/ ٤٩٠)، و «الإنصاف» (٢/ ٢٨٩)، و «المغنى» (٢/ ٢١٦)، و «الأوسط» (٤/ ١٨٥)، و «الممتع» (٤/ ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>