للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيحة لا يضرها مرور شيء بين أيديهم في بعض الصف، ولا فيما بينهم وبين الإمام، ففي حديث ابن عباس قال: «أقبلت راكبًا على حمار أتان والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمرت بين يدي بعض الصف، فنزلتُ فأرسلت الأتان ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر عليَّ أحد» (١).

٢ - أنه إذا مر ما يقطع الصلاة بين الإمام وسترته، قطع صلاته وصلاتهم: فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنيَّة أذاخر، فحضرت الصلاة يعني فصلَّى إلى جدار فاتخذه قبلة، ونحن خلفه، فجاءت بهمة تمر بين يديه، فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار، ومرَّت من ورائه» (٢) فلولا أن سترته سترة لهم لم يكن بين مرورها بين يديه وخلفه فرق، والله أعلم.

حكم جهر الإمام بالبسملة في الجهرية:

هذه المسألة «من أعلام المسائل، ومعضلات الفقه، ومن أكثرها دَوَرانًا في المناظرة، وجَوَلانا في المصنفات» (٣) ولذا أفردها بالتصنيف جماعة من أهل العلم.

والخلاصة أن للعلماء في هذه المسألة قولين:

الأول: يُسَنٌّ الإسرار بها، وهو مذهب الحنابلة وأصحاب الرأي وهو اختيار شيخ الإسلام وقال الترمذي: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين: منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وذكره ابن المنذر عن ابن مسعود وابن الزبير وعمار رضي الله عنهم أجمعين، وبه قال الأوزاعي والثوري وابن المبارك (٤)، وحجتهم:

١ - حديث أنس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يفتتحون

الصلاة بالحمد لله رب العالمين» (٥).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٧٦)، ومسلم (٥٠٤).
(٢) حسن: أخرجه أبو داود (٧٠٨) / وابن ماجه (٣٦٠٣)، وأحمد (٢/ ١٩٦).
(٣) «نصب الراية» (١/ ٣٣٦).
(٤) «المبسوط» (١/ ١٥)، و «المغنى» (١/ ٣٤٥)، و «كشاف القناع» (١/ ٣٣٥). قلت: وأما الإمام مالك فلا يقرأ البسملة في أول الصلاة، وانظر «المدونة» (١/ ٦٤).
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (٧٤٣)، ومسلم (٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>