للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجوز فيهما» وفيه أنه إذا جلس ولم يصلِّ فيستحب أن يقوم ليصليهما -ولو كان الإمام يخطب- ويخففهما وله أن يزيد من التنفُّل ما شاء قبل خروج الإمام عند جمهور العلماء (١) لحديث سلمان المتقدم مرارًا: «... ثم يُصلِّي ما كتب اله ثم يُنصت إذا تكلَّم الإمام غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى» (٢).

فائدة: ليس للجمعة سنة قبلية:

فإذا انتهى الأذان لم يجز أن يقوم الناس لصلاتها البتة (٣) وهذا أصح قولي العلماء، وبه قال الحنفية ومالك والشافعي وأكثر أصحابه -خلافًا للنووي وغيره- وهو المشهور في مذهب أحمد (٤)، وعليه تدلُّ السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج من بيته فإذا رقى المنبر أخذ بلال في أذان الجمعة، فإذا أكمله أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل، وهذا كان رأي عين فمتى كانوا يصلون السنة؟ ومن ظن أنهم إذا فرغ بلال من الأذان قامُوا كلهم فركعوا ركعتين فهو أجهل الناس بالسنة.

ومما يؤيد هذا حديث ابن عمر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتين قبل الظهر، وسجدتين بعد الظهر، وسجدتين بعد المغرب، وسجدتين بعد العشاء، وسجدتين بعد الجمعة» (٥).

فهذا نص صريح في أن الجمعة عند الصحابة مستقلة بنفسها عن الظهر، فلما لم يذكر لها سنة إلا بعدها، عُلم أنه لا سنة لها قبلها، والله أعلم.

وقد ذهب قوم من الشافعية -منهم النووي- إلى إثبات السنة القبلية للجمعة ولهم جملة استدلالات جمعتها والردود عليها في كتاب «اللمعة».

٤ - عدم التحلُّق أو الاجتماع لدرس قبل الجمعة:

لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تُنشد فيه الضالة، وأن ينشد فيه الشِّعر، ونهى عن التحلق مثل الصلاة يوم

الجمعة» (٦).


(١) «شرح مسلم» للنووي (٣/ ٣٨٥).
(٢) صحيح: تقدم تخريجه.
(٣) إلا إذا جاء بعد انتهاء الأذان فله أن يصلي تحية المسجد ثم يجلس أو كان ناسيًا لها كما تقدم.
(٤) «الفتاوى الكبرى» لشيخ الإسلام (٢/ ٣٥١)، و «زاد المعاد» (١/ ٤٣٣)، و «طرح التثريب» (٣/ ٤١).
(٥) صحيح: تقدم في «السنن الرواتب».
(٦) حسن: أخرجه أبو داود (١٠٧٩) وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>