للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (١) والذكر في الآية: الخطبة، لأمرين:

(أ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «... فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» (٢) فسمَّى الخطبة ذكرًا، وعليه فإذا كان السعي للخطبة واجبًا وهو وسيلة فيلزم منه وجوب الخطبة وهي الغاية.

(ب) أن الله تعالى أمر بالسعي إلى ذكر الله من حين النداء، وبالتواتر القطعي كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن خطب، فعُلم أن السعي إلى الخطبة واجب.

٢ - مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على الخطبة في كل جمعة، ولم يصلها مرة بدونها.

٣ - تحريم الكلام حين الخطبة ووجوب الاستماع للخطبة.

فإن قيل: هذه الأدلة لا تدل على الشرطية؟! فيقال: هذه الصلاة وجبت بهذه الصفة التي واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن قصر بها عما كان عليه العمل فإنه لم يؤدِّ ما وجب عليه، وهو واضح في الشرطية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ» (٣) أي مردود باطل، ويدلُّ على هذا أنه إن لم يخطب يصلي أربعًا، والجمعة لا تكون أربعًا، فهي إذن ظهر.

ويجب أن يخطب خطبتين واقفًا يجلس بينهما إلا لعذر:

وهو مذهب الجمهور خلافًا للحنفية، ووجوبه ظاهر -كما تقدم- من المواظبة على الفعل الذي هو بيان لصفة هذه الصلاة الواجبة، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اكتفى بخطبة واحدة وأنه خطب جالسًا، فعن جابر بن سمرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا ثم يجلس ثم يقوم فيخطب فمن نبأك أنه كان يخطب جالسًا فقد كذب، فقد -والله- صليت معه أكثر من ألفي صلاة».

وفي رواية: «فما رأيته إلا قائمًا».

وعن كعب بن عجرة أنه: «دخل المسجد -وعبد الله بن أم الحكم يخطب


(١) صحيح: تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) صحيح: علَّقه البخاري (٢٦٩٧)، ووصله مسلم (١٧١٨) وغيره.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٨٦٢)، وأبو داود (١٠٩٣)، والنسائي (٣/ ١٠٩، ١١٠)، والترمذي (٥٠٧)، وأحمد (٥/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>