للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحقيق أن اتباع الوحي لا يشترط فيه إلا علمه بما يعمل به من ذلك الوحي الذي يتبعه.

وأنه يصح علم حديث والعمل به، وعلم آية والعمل بها.

ولا يتوقف ذلك على تحصيل جميع شروط الاجتهاد.

فيلزم المكلف أن يتعلم ما يحتاج إليه من الكتاب والسنة، ويعمل بكل ما علم من ذلك، كما كان عليه أول هذه الأمة من القرون المشهود لها بالخير.

(١٢) تنبيه لمقلَّدي الأمة:

اعلم أن كل من يرى أنه لابد له من تقليد الإمام في كل شيء بدعوى أنه لا يقدر على الاستدلال بكتاب ولا سنة، ولا قول أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا أحد غير ذلك الإمام:

يجب عليه أن بتنبَّه تنبُّهًا تامًّا للفرق بين أقوال ذلك الإمام التي خالها حقًّا، وبين ما أُلحق بعده على قواعد مذهبه، وما زاده المتأخرون وقتًا بعد وقت من أنواع الاستحسان التي لا أساس لها في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولو علم الإمام بإلحاقهم بمذهبه لتبرأ منها وأنكر على ملحقها، فنسبة جميع ذلك للإمام من الباطل الواضح. ويزيده بطلانًا نسبته إلى الله ورسوله، بدعوى أنه شرع ذلك على لسان رسوله، ونحو هذا كثير في المختصرات في المذاهب وكتب المتأخرين منهم (١).

(١٣) اتباع الدليل لا يعني هجر أقوال الأئمة:

يزعم بعض مقلدة المذاهب أن الدعوة إلى اتباع الدليل من الكتاب والسنة وعدم الأخذ بأقوال الأئمة المخالفة لها؛ ترك للأخذ بأقوالهم مطلقًا والاستفادة من اجتهاداتهم!!.

قال العلامة الألباني رحمه الله (٢):

إن هذا الزعم أبعد ما يكون عن الصواب، بل هو باطل ظاهر البطلان، كما


(١) «أضواء البيان» للشنقيطي (٧/ ٥٧٦) وما بعدها، وهناك أمثلة على ذلك فراجعها إن شئت.
(٢) مقدمة «صفة صلاة النبي» (ص ٦٩ - ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>