للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان لله تعالى في عدد دون عدد مراد، لبيَّن ذلك في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.

السُّنة أن لا تتعدد الجمعة في البلد الواحد إلا لحاجة: كعدم استاع المسجد الواحد لعدد المصلين ونحو ذلك، وإلا فإنه لم يُختلف أنه لم تكن الجمعة تُصلى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء الراشدين إلا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعطل سائر المساجد.

وأما ما نراه في هذه الأيام من الإفراط في تكثير المساجد التي تقام فيها الجُمَع بحيث تقام في المساجد الصغيرة في الشوارع والحارة المتقاربة مع إمكان الاستغناء عنها بكبار المساجد، فلا شك أنه مما يقسم الأمة تقسيمًا يُرثى له، ويخرج الجمعة عن موضوعها (١).

إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد:

إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد، فللعلماء فيمن صلى العيد يومئذ قولان:

القول الأول: تجب عليه الجمعة كذلك، وهو قول أكثر الفقهاء (٢)، لكن الشافعية أسقطوها عن أهل القرى دون الأمصار، وحجة هذا القول:

١ - عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (٣).

٢ - الأدلة المتقدمة في وجوب صلاة الجمعة.

٣ - ولأنهما صلاتان واجبتان (على خلاف في وجوب صلاة العيد) فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد.

٤ - أن الرخصة في ترك الجمعة ممن صلى العيد مختصة بمن تجب عليهم الجمعة من أهل البوادي، فعن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع


(١) انظر: «الأوسط» (٤/ ١١٦)، و «إصلاح المساجد» للقاسمي (ص: ٦٠ - ٦٢)، و «المغنى» (٢/ ٩٢)، و «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ٢٠٨).
(٢) «المدونة» (١/ ١٥٣)، و «المجموع» (٤/ ٣٢٠)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٢٢٤)، و «التمهيد» (١٠/ ٢٧٢)، و «الأوسط» (٤/ ٢٩١)، و «المحلى» (٣/ ٣٠٣).
(٣) سورة الجمعة، الآية: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>