للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اتفق أهل العلم على استحباب تكفين الشهداء في ثيابهم التي قتلوا فيها، وقال أكثرهم: ينزع عنهم من لباسهم ما لم يكن من عادة لباس الناس من الجلود والفراء والحديد (١).

ومما يدل على أن تكفين الشهداء في ثيابهم مستحب وليس بواجب مُحتَّم: حديث الزبير في أن صفية أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفِّن فيهما حمزة رضي الله عنه، فكفنه في أحدهما، وكفن في الآخر الأنصاري الذي لم يكن له كفن (٢).

فدلَّ على أن الخيار للولي.

وكذلك تقدم حديث تكفين مصعب بن عمير، وقد قتل في أُحد.

(ب) كفن المرأة:

كفن المرأة ككفن الرجل، إلا أن المستحب -عند أكثر أهل العلم- أن يكون خمسة أثواب، وقد ورد في هذا حديث ضعيف الإسناد أن ليلى بنت قائف الثقفية قالت: «كُنت فيمن غسَّل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحِقو، ثم الدِّرع، ثم الخمار، ثم الملحفة، ثم أدرجت بعدُ في الثوب الآخر، قالت: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب، معه كفنها يناولناه ثوبًا ثوبًا» (٣).

قال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفَّن المرأة في خمسة أثواب، وإنما استحب ذلك لأن المرأة تزيد في حال حياتها على الرجل في الستر لزيادة عورتها على عورته، فكذلك بعد الموت. اهـ (٤).

تكفين المرأة في الحرير: جائز، لأنه يجوز لبسه في الحياة، لكن يكره تكفينها فيه لأن فيه سرفًا، ويشبه إضاعة المال، بخلاف اللبس في الحياة فإنه يجمل للزوج (٥).


(١) «المغنى» (٢/ ٥٣١).
(٢) صحيح بطرقه: أخرجه أحمد (١/ ١٦٥)، والبيهقي (٣/ ٤٠١) وغيرهما.
(٣) ضعيف: أخرجه أبو داود (٣١٥٧) بسند ضعيف.
(٤) «المغنى» (٢/ ٤٧٠)، وانظر «المجموع» (٥/ ٢٠٥).
(٥) «المجموع» للنووي (٥/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>