للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ولو كانت القيمة مجزئة لم يقدره، بل أوجب التفاوت بحسب القيمة.

٤ - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «فرض زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير ...» (١).

قالوا: ولم يذكر القيمة، ولو جازت لبينها فقد تدعو الحاجة إليها.

٥ - قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: «خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقرة من البقر» (٢).

٦ - أن الزكاة وجبت لدفع حاجة الفقير، وشكرًا لنعمة المال، والحاجات متنوعة، فينبغي أن يتنوع الواجب ليصل إلى الفقير من كل نوع ما تندفع به حاجته، ويحصل شكر النعمة بالمواساة من جنس ما أنعم الله عليه به.

الثاني: أنه يجوز إخراج القيمة، وهو مذهب أبي حنيفة والثوري والظاهر من مذهب البخاري، ووجه في مذهب الشافعي ورواية عن أحمد، وحجتهم (٣):

١ - ما رُوى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال لأهل اليمن: «ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس مكان الشعير والذرة آخذه منكم، فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة» (٤).

٢ - استدلوا بإجزاء ابن اللبون عن بنت المخاض، وإجزاء الحقة مع عشرين درهمًا عن الجذعة (وهما الدليلان الثاني والثالث لأصحاب القول الأول).

قالوا: ففي هذا اعتبار القيمة.

٣ - أن المقصود بأداء الزكاة إغناء الفقير، والإغناء يحصل بأداء القيمة، كما يحصل بأداء العين، وربما سد الخلة بأداء القيمة أظهر.

وقد اجتهد كل فريق في الجواب عن أدلة الفريق الآخر وإظهار مذهبه. والذي يترجح عندي، هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- (٥). من التوسط


(١) أخرجه البخاري (١٥٠٤)، ومسلم (٩٨٤).
(٢) أخرجه أبو داود (١٥٩٩)، وابن ماجه (١٨١٤)، والحاكم (١/ ٥٤٦)، والبيهقي (٤/ ١١٢)، والدارقطني (٢/ ٩٩) وفي سنده لين.
(٣) المبسوط (٢/ ١٥٦)، والمجموع (٢/ ٤٢٩).
(٤) علَّقه البخاري (٣/ ٣٣٦) ... ووصله الحافظ في «التغليق» (٣/ ١٢) سنده ضعيف لانقطاعه.
(٥) مجموع الفتاوى (٢٥/ ٨٠ - ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>