للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: ادفعها إلى هؤلاء القوم -يعني الأمراء- قلت: إذًا يتخذون بها ثيابًا وطيبًا، فقال: وإن اتخذوا بها ثيابًا وطيبًا، ولكن في مالك حق سوى الزكاة» (١).

٢ - عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: «أتيت سعد بن أبي وقاص فقلت: عندي مال وأريد إخراج زكاته، وهؤلاء القوم على ما ترى؟ قال: ادفعها إليهم، فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد رضي الله عنهم فقالوا مثل ذلك» (٢).

والظاهر من سياق هذه الآثار، أن المراد بالقوم -الذين يدفع إليهم الزكاة رغم عصيانهم- الأمراء ولاة الأمر الذين تجب طاعتهم، فليس فيه معارضة لما رجحناه من مذهب شيخ الإسلام، والله أعلم.

هل تُدفع الزكاة إلى «الهاشميين»؟

بنو هاشم هم: آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس، وآل الحارث، وكذلك آل المطلب، على الراجح (٣).

وهؤلاء لا يحل لهم أن يأخذوا من الزكاة المفروضة، بلا خلاف بين أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، وإنما هي أوساخ الناس» (٤).

ومعنى (أوساخ الناس): أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم فهي غسالة الأوساخ.

ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إنا لا تحل لنا الصدقة» (٥).

وقال صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي لما أخذ تمرة من تمر الصدقة: «كخ كخ (ليطرحها) أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة» (٦).

وقد اختار شيخ الإسلام أنه يجوز لبني هاشم أن يأخذوا من زكاة الهاشميين لا من زكاة الناس، وهذا مروي عن أبي حنيفة وأبي يوسف (٧).


(١) «الأموال» لأبي عبيد (١٧٩٨) بسند صحيح ونحوه ابن أبي شيبة (٤/ ٢٨).
(٢) «الأموال» (١٧٨٩)، والبيهقي (٤/ ١١٥) بسند صحيح.
(٣) لقول النبي صلى الله عليه وسلم -كما عند البخاري (٤٠/ ٣) وغيره-: «إنا وبني المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيء واحد» وشبك بين أصابعه.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (١٠٧٢)، والنسائي (٢٦٠٩).
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (١٠٦٩)، وأبو داود (١٦٥٠).
(٦) صحيح: أخرجه البخاري (١٤٩١)، ومسلم (١٠٦٩).
(٧) فتح القدير لابن الهمام (٢/ ٢٧٢)، وانظر «الجامع للاختيارات الفقهية لابن تيمية» د. أحمد موافي (١/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>