للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحاب له جلوس، إذ قال بعضهم لبعض: أيكم يقوم إلى جزور آل فلان، فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها، فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد، فيضعه على كتفيه، فانبعث أشقاهم، فملا سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا فضحكوا .... الحديث» (١).

فلو كان دم الجزور نجسًا لألقى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبه، أو خرج من صلاته.

وقد صح «أن ابن مسعود صلى وعلى بطنه فرث ودم جزور نحرها ولم يتوضأ» (٢).

وإن كان هذا الأثر قد يُنازع في الاستدلال على طهارة دم الحيوان، لأن ابن مسعود لم يكن يرى طهارة البدن والثوب شرطًا لصحة الصلاة، ويرى أنها مستحبة.

قلت: لو ثبت الإجماع على نجاسة الدم لم نلتفت إلى أدلة المتأخرين، وإن لم يثبت فالأصل الطهارة ولسنا بحاجة إلى هذه الأدلة، والذي ظهر لي -بعد اختياري للقول بالطهارة على مدى عشر سنوات- أن الإجماع في المسألة ثابت، قد نقله غير واحد من أهل العلم ولم يثبت ما ينقضه، وأعلى هذه النقولات ما نقل عن الإمام أحمد ثم ما نقله ابن حزم - خلافًا لمن ظن أن مذهبه القول بالطهارة!! - ومما وقفته من ذلك:

قال ابن القيم في إغاثة اللهفان (١/ ٢٤٠):

سئل أحمد: الدم والقيح عندك سواء؟ قال: لا، الدم لم يختلف الناس فيه.

وقال مرة: القيح والصديد والمدة عندي أسهل من الدم. اهـ.

وقد نقل ابن حزم في مراتب الإجماع: اتفاق العلماء على نجاسة الدم.

وكذا نقل -هذا الاتفاق - الحافظ في «الفتح» (١/ ٤٢٠).

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ٢٣٠):

وحكم كل دم كدم الحيض إلا أن قليل الدم متجاوز عنه لشرط الله عز وجل في نجاسة الدم أن يكون مسفوحًا فحينئذ هو رجس والرجس نجاسة وهذا إجماع من المسلمين أن الدم المسفوح رجس نجس. اهـ.

وقال ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٧٩):


(١) صحيح: البخاري (٢٤٠)، وسملم (١٧٩٤).
(٢) إسناده صحيح: مصنف عبد الرزاق (١/ ٢٥)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>