للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجمع العلماء على إباحة الفطر للمريض في الجملة (١)، ثم إذا برئ قضاه والأصل فيه قول الله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٢).

وعن سلمة ابن الأكوع رضي الله عنه قال: «لما نزلت هذه الآية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (٣). كان من أراد أن يفطر، يفطر ويفتدي، حتى أنزلت الآية التي بعدها» (٤) يعني قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٥).

وللمريض ثلاث حالات (٦):

١ - أن يكون مرضه يسيرًا لا يتأثر بالصوم ولا يكون الفطر أرفق به، كالزكام اليسير، أو الصداع اليسير أو وجع الضرس ونحوه، فهذا لا يجوز له أن يفطر.

٢ - أن يزيد مرضه أو يتأخر برؤه ويشق عليه الصوم لكن لا يضره، فهذا يستحب له الفطر ويكره له الصوم.

٣ - أن يشق عليه الصوم ويتسبب في ضرر قد يفضي إلى الهلاك، فهذا يحرم عليه الصوم أصلاً، لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} (٧).

هل يفطر الصحيح الذي يخشى المرض بالصيام؟ (٨):

يُباح للصحيح الذي يخشى المرض بالصيام أن يفطر، لأنه كالمريض الذي يخاف زيادة مرضه أو إبطاء برئه بالصوم، قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} (٩).

وقال سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (١٠).


(١) «المغنى» مع الشرح (٣/ ١٦).
(٢) سورة البقرة: ١٨٥.
(٣) سورة البقرة: ١٨٤.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٤٥٠٧)، ومسلم (١١٤٥).
(٥) سورة البقرة: ١٨٥.
(٦) أفاده في «الشرح الممتع» (٦/ ٣٥٢، ٣٥٣)، وانظر: «المجموع» (٦/ ٢٥٨)، و «المغنى» (٣/ ١٦)، و «القوانين الفقهية» (٨٢).
(٧) سورة النساء: ٢٩.
(٨) «المغنى» (٣/ ٣٦٤ - الغد)، و «المحلى» (٦/ ٢٢٨).
(٩) سورة النساء: ٢٩.
(١٠) سورة البقرة: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>